responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 211
خِلَافُهُ يَكُونُ الْحُكْمُ الْعَقْلِيُّ الْقَاطِعُ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ النَّقْلَ لَا يُرَادُ بِهِ ظَاهِرُهُ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَعْنًى مُوَافِقٍ يُحْمَلُ عَلَيْهِ فَيَنْبَغِي طَلَبُهُ بِالتَّأْوِيلِ. (قَالَ الْأُسْتَاذُ) : وَأَنَا عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ فِي وُجُوبِ التَّسْلِيمِ وَالتَّفْوِيضِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِاللهِ - تَعَالَى - وَصِفَاتِهِ وَعَالَمِ الْغَيْبِ، وَأَنَّنَا نَسِيرُ فِي فَهْمِ الْآيَاتِ عَلَى كِلَا الطَّرِيقَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ لِلْكَلَامِ مِنْ فَائِدَةٍ يُحْمَلُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - لَمْ يُخَاطِبْنَا بِمَا لَا نَسْتَفِيدُ مِنْهُ مَعْنًى.
(وَأَقُولُ) أَنَا مُؤَلِّفُ هَذَا التَّفْسِيرِ: إِنَّنِي وَلِلَّهِ الْحَمْدُ عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ وَهَدْيِهِمْ.
عَلَيْهَا أَحْيَا وَعَلَيْهَا أَمُوتُ إِنْ شَاءَ اللهُ - تَعَالَى، وَإِنَّمَا أَذْكُرُ مِنْ كَلَامِ شَيْخِنَا، وَمِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ، وَمِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي بَعْضَ التَّأْوِيلَاتِ لِمَا ثَبَتَ عِنْدِي بِاخْتِبَارِي النَّاسَ أَنَّ مَا انْتَشَرَ فِي الْأُمَّةِ مِنْ نَظَرِيَّاتِ الْفَلَاسِفَةِ وَمَذَاهِبِ الْمُبْتَدِعَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ، جَعَلَ قَبُولَ مَذْهَبِ السَّلَفِ وَاعْتِقَادَهُ يَتَوَقَّفُ فِي الْغَالِبِ عَلَى تَلَقِّيهِ مِنَ الصِّغَرِ بِالْبَيَانِ الصَّحِيحِ
وَتَخْطِئَةِ مَا يُخَالِفُهُ، أَوْ طُولِ مُمَارِسَةِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ، وَلَا نَعْرِفُ فِي كُتُبِ عُلَمَاءِ السُّنَّةِ أَنْفَعَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ النَّقْلِ وَالْعَقْلِ مِنْ كُتُبِ شَيْخَيِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَةَ وَابْنِ الْقَيِّمِ - رَحِمَهُمَا اللهُ - تَعَالَى -، وَإِنَّنِي أَقُولُ عَنْ نَفْسِي: إِنَّنِي لَمْ يَطْمَئِنُّ قَلْبِي بِمَذْهَبِ السَّلَفِ تَفْصِيلًا إِلَّا بِمُمَارَسَةِ هَذِهِ الْكُتُبِ.
فَنَحْنُ قَدْ سَمِعْنَا بِآذَانِنَا شُبْهَاتٍ عَلَى بَعْضِ الْآيَاتِ وَالْأَحَادِيثِ لَمْ يَسْهُلْ عَلَيْنَا دَفْعُهَا وَإِقْنَاعُ أَصْحَابِهَا بِصِدْقِ كَلَامِ اللهِ وَكَلَامِ رَسُولِهِ إِلَّا بِضَرْبٍ مِنَ التَّأْوِيلِ، وَأَمْثَالٍ تُقَرِّبُهَا مِنْ عُقُولِهِمْ وَمَعْلُومَاتِهِمْ أَحْسَنَ التَّقْرِيبِ، وَقَدْ غَلِطَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْكَلَامِ وَالْمُفَسِّرِينَ فِي بَيَانِ مَذْهَبِ السَّلَفِ وَفِي مَعَانِي التَّفْوِيضِ وَالتَّأْوِيلِ، وَتَجِدُ تَفْصِيلَ ذَلِكَ لَنَا فِي أَوَائِلِ تَفْسِيرِ سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ، كَمَا أَخْطَأَ مَنْ قَالُوا: إِنَّ الدَّلِيلَ الْعَقْلِيَّ هُوَ الْأَصْلُ فَيُرَدُّ إِلَيْهِ الدَّلِيلُ السَّمْعِيُّ وَيَجِبُ تَأْوِيلُهُ لِأَجْلِ مُوَافَقَتِهِ مُطْلَقًا، وَالْحَقُّ كَمَا قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَةَ: إِنَّ كُلًّا مِنَ الدَّلِيلَيْنِ إِمَّا قَطْعِيٌّ وَإِمَّا غَيْرُ قَطْعِيٍّ، فَالْقَطْعِيَّانِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَتَعَارَضَا حَتَّى نُرَجِّحَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ، وَإِذَا تَعَارَضَ ظَنِّيٌّ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مَعَ قَطْعِيٍّ وَجَبَ تَرْجِيحُ الْقَطْعِيِّ مُطْلَقًا، وَإِذَا تَعَارَضَ ظَنِّيٌّ مَعَ ظَنِّيٍّ مِنْ كُلٍّ مِنْهَا رَجَّحْنَا الْمَنْقُولَ عَلَى الْمَعْقُولِ؛ لِأَنَّ مَا نُدْرِكُهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ مِنْ كَلَامِ اللهِ وَرَسُولِهِ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ مِمَّا نُدْرِكُهُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ مِنْ نَظَرِيَّاتِنَا الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي يَكْثُرُ فِيهَا الْخَطَأُ جِدًّا؛ فَظَوَاهِرُ الْآيَاتِ فِي خَلْقِ آدَمَ مَثَلًا مُقَدَّمٌ فِي الِاعْتِقَادِ عَلَى النَّظَرِيَّاتِ الْمُخَالِفَةِ لَهَا مِنْ أَقْوَالِ الْبَاحِثِينَ فِي أَسْرَارِ الْخَلْقِ وَتَعْلِيلِ أَطْوَارِهِ وَنِظَامِهِ مَا دَامَتْ ظَنِّيَّةً لَمْ تَبْلُغْ دَرَجَةَ الْقَطْعِ.
وَيَنْبَغِي أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الْقَارِئُ الْمُؤْمِنُ: أَنَّ مِنَ الْخَيْرِ لَكَ أَنْ تَطْمَئِنَّ قَلْبًا بِمَذْهَبِ السَّلَفِ وَلَا تَحْفِلَ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَطْمَئِنَّ قَلْبُكَ إِلَّا بِتَأْوِيلٍ يَرْضَاهُ أُسْلُوبُ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْكَ، فَإِنَّ اللهَ لَا يُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا، وَأَئِمَّةُ عُلَمَاءِ السَّلَفِ قَدْ تَأَوَّلُوا بُعْدَ الظَّوَاهِرِ كَمَا فَعَلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ فِي آيَاتِ الْمَعِيَّةِ، وَآخَرُونَ فِي غَيْرِهَا، وَالَّذِي عَلَيْكَ - قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ - أَنْ تُوقِنَ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست