الْعالَمِينَ) لأنه يدل على أن كل ثناء وحمد يصدر عن نعمة فهو له ،
ولن يكون هذا إلا إذا كان عز اسمه مصدر النعم التي تستوجب الحمد ، وأهمها نعمة
الإيجاد والتربية وذلك صريح قوله : (رَبِّ الْعالَمِينَ) وقد استكمله بقوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) وبذلك اجتثّ جذور الشرك التي كانت فاشية فى جميع الأمم
، وهى اتخاذ أولياء من دون الله يستعان بهم على قضاء الحاجات ويتقرب بهم إلى الله
زلفى.
والوعد والوعيد
يتضمنهما قوله : (مالِكِ يَوْمِ
الدِّينِ) إذ الدين هو الجزاء وهو إما ثواب للمحسن وإما عقاب
للمسىء.
والعبادة تؤخذ
من قوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).
وطريق السعادة
يدل عليه قوله : (اهْدِنَا الصِّراطَ
الْمُسْتَقِيمَ) إذ معناه أنه لا تتم السعادة إلا بالسير على ذلك الصراط
القويم ، فمن خالفه وانحرف عنه كان فى شقاء مقيم.
والقصص
والأخبار يهدى إليها قوله : (صِراطَ الَّذِينَ
أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) فهو يرشد إلى أن هناك أمما قد مضت وشرع الله شرائع
لهديها فاتبعتها وسارت على نهجها ، فعلينا أن نحذو حذوها ونسير على سننها.
وقوله : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا
الضَّالِّينَ) يدل على أن غير المنعم عليهم صنفان :
صنف خرج عن
الحق بعد علمه به ، وأعرض عنه بعد أن استبان له ، ورضى بما ورثه عن الآباء
والأجداد وهؤلاء هم المغضوب عليهم ، وصنف لم يعرف الحق أبدا أو عرفه على وجه مضطرب
مهوش ، فهو فى عماية تلبس الحق بالباطل وتبعد عن الجادة الموصلة إلى الصراط السوي
، وهؤلاء هم الضالون.
وهذه السورة
إحدى السور المكية التي نزلت قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ،
وعدة آيها سبع.
وقد نزل القرآن
الكريم منجّما أي مفرقا فى ثلاث وعشرين سنة بحسب الحوادث