وخلاصة المعنى
ـ ما نغيّر حكم آية أو ننسيكه إلا أتينا بما هو خير منه لمصلحة العباد بكثرة
الثواب أو مثله فيه.
قال الأستاذ
الإمام : والمعنى الصحيح الذي يلتئم مع السياق أن الآية هنا ما يؤيد الله تعالى به
الأنبياء من الدلائل على نبوتهم ، أي ما ننسخ من آية نقيمها دليلا على نبوّة نبى
من الأنبياء أي نزيلها ونترك تأييد نبى آخر بها ، أو ننسها الناس لطول العهد بمن
جاء بها ، فإنا بما لنا من القدرة الكاملة والتصرف في الملك نأتي بخير منها في
قوّة الإقناع وإثبات النبوّة أو مثلها في ذلك ، ومن كان هذا شأنه في قدرته وسعة
ملكه فلا يتقيد بآية مخصوصة يمنحها جميع أنبيائه ا ه وقد سبقه إلى مثله محيى الدين
بن العربي فى تفسيره.
ونسخ الحكم إما
أن يكون بأيسر منه في العمل ، كما نسخت عدة المتوفى عنها زوجها من الحول إلى أربعة
أشهر وعشر ، وإما بمساوله كنسخ التوجه إلى بيت المقدس بالتوجه إلى الكعبة عند
الصلاة ، وإما بأشقّ منه ويكون ثوابه أكثر ، كما نسخ ترك القتال بإيجابه على
المسلمين.
ثم أقام الدليل
على إمكان النسخ فقال :
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ
اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم ، والمراد غيره من
المؤمنين الذين ربما كان يؤذيهم ما كان يعترض به اليهود وغيرهم على النسخ ، وضعيف
الإيمان يؤثر في نفسه أن يعاب ما يأخذ به ، فيخشى عليه من الركون إلى الشبهة أو
تدخل في قلبه الحيرة ، فجاء ذلك تثبيتا لهم وتقوية لإيمانهم ، ببيان أن القادر على
كل شىء لا يستنكر عليه نسخ الأحكام ، لأنها مما تتناولها قدرته ، ثم أقام دليلا
آخر فقال :
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ
اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي إن الله تعالى له ملك السموات والأرض وهما تحت قبضته
والعباد أهل مملكته وطاعته ، عليهم السمع والطاعة لأمره