responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المراغي نویسنده : المراغي، أحمد مصطفى    جلد : 1  صفحه : 127

فإذا لم يستقم له ذلك وقف حائرا مدهوشا ، ولا سيما إذا تكرر ذلك أمامه ، فكان من لطف الله بعباده أن تظهر المعجزات على يد الأنبياء على طريق التدرّج حتى لا تصطدم بها عقول معاصريها دفعة واحدة.

حكى القرآن في معجزات عيسى عليه السلام قوله : (أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ).

كان الله قديرا على أن يخلق الطير من الطين ومن غير الطين سواء كان في شكل الطير أم لم يكن ، وكذلك لم يكن هناك من داع للنفخ ، لأن طريق القدرة (كُنْ فَيَكُونُ).

ولكن شاء الله أن تظهر قدرته بطريق التدرج ، لأن الطين إذا كان على شكل الطير يشتبه بالطير الحقيقي ولا يكون بينهما فارق إلا بالحياة ، وعملية النفخ تجعل الرائي ينتظر تغييرا في الجسم كما يحدث ذلك في الكرة ونحوها إذا نفخ فيها ، فإذا وجدت الروح في هذا الهيكل الطيني تكون حدّة الصدمة قد خفّت ، لأن النفس كانت ترقب ما حدث ، وجميع المقدمات لا دخل لها مطلقا في وجود الحياة والروح.

وكذلك خلق عيسى من نطفة الأم فقط ، مع أن الحيوان في عالمنا لا يخلق إلا من نطفتى الأب والأم ، ونظام الكائنات يجرى على سنن واحد إلا حيث يريد الله.

وقد لطف الله بمريم فأراها ملكا في صورة بشر ، وقال لها سأهب لك غلاما زكيا ، فأجابته : (أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) فرؤية الملك والأحوال التي أحاطت به أوجدت عندها بعض الشك في أنها ربما حملت بطريق غير عادى ، وبهذا تهيأ احتمالها صدمة الحمل عند ما حصل.

نام کتاب : تفسير المراغي نویسنده : المراغي، أحمد مصطفى    جلد : 1  صفحه : 127
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست