الحمد لله الذي
أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه ولو كره المشركون ، وأنزل عليه
: (كِتاباً مُتَشابِهاً
مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ
تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللهِ) ، (أَلا بِذِكْرِ اللهِ
تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
أحمده سبحانه
أن خصّنا بالقرآن العظيم والنّور المبين ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا
من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
وأشهد أن لا
إله الله وحده لا شريك له ، علّم القرآن ، وجعله معجزة خاتم أنبيائه باقية ما بقي
الزمان.
وأشهد أنّ
سيّدنا محمدا عبد الله ورسوله ، المؤيد بهذا القرآن صلىاللهعليهوسلم ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليما دائما إلى يوم الدين.
أما بعد : فإن
العلماء قد عنوا بالقرآن عناية بالغة من جميع جوانبه ، فمنهم من عني بحل ألفاظه
وبيان معانيه وأحكامه ، ومنهم من عني بمعرفة ناسخه ومنسوخه ، وخاصه وعامه ، ومنهم
من كتب في أسباب نزوله ، ومنهم من عني بذكر بلاغته وإعجازه ... وكتبوا في ذلك
الكثير مما يعجز القلم عن حصره.
ولما كانت علوم
القرآن أشرف العلوم وأفضلها ، ودراسته والعكوف على أسراره ومعانيه تعطي المسلم
ذخيرة تنفعه في عاجله وآجله ، فإنني وجهت اهتمامي إلى دراسة وتحقيق كتاب «إيجاز
البيان عن معاني القرآن» للشّيخ العلامة بيان الحق محمود بن أبي الحسن النيسابوري رحمهالله تعالى.