responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 638
الْمَوْتِ. فَفِي ذَلِكَ مَا كَانَ عَلَيْهِ إِبْرَاهِيمُ مِنَ الِاهْتِمَامِ بِأَمْرِ الدِّينِ، حَتَّى وَصَّى بِهِ مَنْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِهِ، إِذْ كَانَ بَنُوهُ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ. وَمِنْهَا اخْتِصَاصُهُ بِبَنِيهِ، وَلَا يَخْتَصُّهُمْ إِلَّا بِمَا فِيهِ سَلَامَةُ عَاقِبَتِهِمْ. وَمِنْهَا أَنَّهُ عَمَّمَ بَنِيهِ، وَلَمْ يَخُصَّ أَحَدًا مِنْهُمْ،
كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، حِينَ نَحَلَهُ أَبُوهُ شَيْئًا، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَتُحِبُّ أَنْ يَكُونُوا لَكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟» وَرَدَّ نَحْلَهُ إِيَّاهُ وَقَالَ: لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ.
وَمِنْهَا إِطْلَاقُ الْوَصِيَّةِ، وَلَمْ يُقَيِّدْهَا بِزَمَانٍ وَلَا مَكَانٍ. ثُمَّ خَتَمَهَا بِأَبْلَغِ الزَّجْرِ أَنْ يَمُوتُوا غَيْرَ مُسْلِمِينَ. ثُمَّ التَّوْطِئَةُ لِهَذَا النَّهْيِ وَالزَّجْرِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي اخْتَارَ لَكُمْ دِينَ الْإِسْلَامِ، فَلَا تَخْرُجُوا عَمَّا اخْتَارَهُ اللَّهُ لَكُمْ. قَالَ الْمُؤَرِّخُونَ:
نَقَلَ إِبْرَاهِيمُ وَلَدَهُ إِسْمَاعِيلَ إِلَى مَكَّةَ وَهُوَ رَضِيعٌ، وَقِيلَ: ابْنُ سَنَتَيْنِ. وَقِيلَ: ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَوُلِدَ قَبْلَ إِسْحَاقَ بِأَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَمَاتَ وَلَهُ مِائَةٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً. وَكَانَ لِإِسْمَاعِيلَ، لَمَّا مَاتَ أَبُوهُ إِبْرَاهِيمُ، تِسْعٌ وَثَمَانُونَ سَنَةً. وَعَاشَ إِسْحَاقُ مِائَةً وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَمَاتَ بِالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، وَدُفِنَ عِنْدَ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ. وَكَانَ بَيْنَ وَفَاةِ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ وَمَوْلِدِ محمد صلى الله عليه وَسَلَّمَ نَحْوٌ مِنْ أَلْفَيْ سَنَةٍ وَسِتِّمِائَةِ سَنَةٍ، وَالْيَهُودُ تَنْقُصُ مِنْ ذَلِكَ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِمِائَةِ سَنَةٍ.
أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ. قَالُوا: أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّ يَعْقُوبَ يَوْمَ مَاتَ أَوْصَى بَنِيهِ بِالْيَهُودِيَّةِ؟
قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَمَّا دَخَلَ يَعْقُوبُ مِصْرَ رَآهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَوْثَانَ وَالنَّيِّرَيْنِ، فَجَمَعَ بَنِيهِ وَخَافَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ إِعْلَامًا لِنَبِيِّهِ بِمَا وَصَّى بِهِ يَعْقُوبُ، وَتَكْذِيبًا لِلْيَهُودِ.
وَأَمْ هُنَا مُنْقَطِعَةٌ، تَتَضَمَّنُ مَعْنَى بَلْ وَهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَامِ الدَّالَّةِ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَالتَّقْدِيرُ: بَلْ أَكُنْتُمْ شُهَدَاءَ؟ فَمَعْنَى الْإِضْرَابِ: الِانْتِقَالُ مِنْ شَيْءٍ إِلَى شَيْءٍ، لَا أَنَّ ذَلِكَ إِبْطَالٌ لِمَا قَبْلَهُ. وَمَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ هُنَا:
التَّقْرِيعُ وَالتَّوْبِيخُ، وَهُوَ فِي مَعْنَى النَّفْيِ، أَيْ مَا كُنْتُمْ شُهَدَاءَ، فَكَيْفَ تَنْسِبُونَ إِلَيْهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ؟ وَلَا شَهِدْتُمُوهُ أَنْتُمْ وَلَا أَسْلَافُكُمْ. وَقِيلَ: أَمْ هُنَا بِمَعْنَى: بَلْ، وَالْمَعْنَى بَلْ كُنْتُمْ، أَيْ كَانَ أَسْلَافُكُمْ، أَوْ تنزلهم مَنْزِلَةَ أَسْلَافِهِمْ، إِذْ كَانَ أَسْلَافُهُمْ قَدْ نَقَلُوا ذَلِكَ إِلَيْهِمْ، وَفِي إِثْبَاتِ ذَلِكَ إِنْكَارٌ عَلَيْهِمْ مَا نَسَبُوهُ إِلَى يَعْقُوبَ مِنَ الْيَهُودِيَّةِ. وَالْخِطَابُ فِي كُنْتُمْ لِمَنْ كَانَ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَرُؤَسَائِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: قَالَ لَهُمْ عَلَى جِهَةِ التَّقْرِيرِ وَالتَّوْبِيخِ أَشْهِدْتُمْ يَعْقُوبَ وَعَلِمْتُمْ بِمَا أَوْصَى، فَتَدَّعُونَ عَنْ عِلْمٍ، أَيْ لَمْ تَشْهَدُوا. بَلْ أَنْتُمْ تَفْتَرُونَ. وَأَمْ تَكُونُ بِمَعْنَى أَلِفِ الِاسْتِفْهَامِ فِي صَدْرِ الْكَلَامِ لُغَةٌ يَمَانِيَةٌ.
انْتَهَى مَا ذَكَرَهُ. وَلَمْ أَقِفْ لِأَحَدٍ مِنَ النَّحْوِيِّينَ عَلَى أَنَّ أَمْ يُسْتَفْهَمُ بِهَا فِي صَدْرِ الْكَلَامِ. وَأَيْنَ ذَلِكَ؟ وَإِذَا صَحَّ النَّقْلُ فَلَا مَدْفَعَ فِيهِ وَلَا مَطْعَنَ. وَحَكَى الطَّبَرِيُّ أَنَّ أَمْ يُسْتَفْهَمُ بِهَا فِي وَسَطِ

نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 638
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست