responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 383
لِفِعْلِهِمْ مَعَ أَنْبِيَائِهِمْ، أَيْ بِغَيْرِ الْحَقِّ عِنْدَهُمْ، أَيْ لَمْ يَدَّعُوا فِي قَتْلِهِمْ وَجْهًا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ الْقَتْلَ عِنْدَهُمْ. وَقِيلَ: جَاءَ ذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ التَّأْكِيدِ كَقَوْلِهِ: وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [1] ، إِذْ لَا يَقَعُ قَتْلُ نَبِيٍّ إِلَّا بِغَيْرِ الْحَقِّ، وَلَمْ يَأْتِ نَبِيٌّ قَطُّ بِمَا يُوجِبُ قَتْلَهُ، وَإِنَّمَا قُتِلَ مِنْهُمْ مَنْ قُتِلَ كَرَاهَةً لَهُ وَزِيَادَةً فِي مَنْزِلَتِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: لَمْ يُقْتَلْ نَبِيٌّ قَطُّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ إِلَّا مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِقِتَالٍ، وَكُلُّ مَنْ أُمِرَ بِقِتَالٍ نُصِرَ. قِيلَ: وَعُرِّفَ الْحَقُّ هُنَا لِأَنَّهُ أُشِيرَ بِهِ إِلَى الْمَعْهُودِ فِي
قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ.
وَأَمَّا الْمُنَكَّرُ فَالْمُرَادُ بِهِ تَأْكِيدُ الْعُمُومِ، أَيْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ حَقٌّ لَا مَا يَعْرِفُهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَا غَيْرُهُ.
ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ، ذَلِكَ: رَدٌّ عَلَى الْأَوَّلِ وَتَكْرِيرٌ لَهُ، فَأُشِيرَ بِهِ لِمَا أُشِيرَ بذلك الأول، ويجوز أَنْ تَكُونَ إِشَارَةً إِلَى الْكُفْرِ وَالْقَتْلِ الْمَذْكُورَيْنِ، فَلَا يَكُونُ تَكْرِيرًا وَلَا تَوْكِيدًا، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ الَّذِي حَمَلَهُمْ عَلَى جُحُودِ آيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ إِنَّمَا هُوَ تَقَدُّمُ عِصْيَانِهِمْ وَاعْتِدَائِهِمْ، فَجَسَّرَهَمْ هَذَا عَلَى ذَلِكَ، إِذِ الْمَعَاصِي بَرِيدُ الْكُفْرِ. بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ مَا كانُوا يَكْسِبُونَ [2] ، وَقالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ [3] ، وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ [4] . وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْعِصْيَانِ وَالِاعْتِدَاءِ لُغَةً، وَقَدْ فُسِّرَ الِاعْتِدَاءُ هُنَا أَنَّهُ تَجَاوُزُهُمْ مَا حَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مِنَ الْحَقِّ إِلَى الْبَاطِلِ. وَقِيلَ: التَّمَادِي عَلَى الْمُخَالَفَةِ وَقَتْلُ الْأَنْبِيَاءِ. وَقِيلَ: الْعِصْيَانُ بِنَقْضِ الْعَهْدِ وَالِاعْتِدَاءُ بِكَثْرَةِ قَتْلِ الْأَنْبِيَاءِ. وَقِيلَ:
الِاعْتِدَاءُ بِسَبَبِ الْمُخَالَفَةِ وَالْإِقَامَةُ عَلَى ذَلِكَ الزَّمَنَ الطَّوِيلَ أُثِرَ
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «اخْتَلَفَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ بَعْدَ موسى بخمسائة سنة حين كثير فِيهِمْ أَوْلَادُ السَّبَايَا، وَاخْتَلَفُوا بَعْدَ عِيسَى بِمِائَةِ سَنَةٍ» .
وَقِيلَ: هُوَ الِاعْتِدَاءُ فِي السَّبْتِ، قَالَ تَعَالَى: وَقُلْنا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ [5] . وما: فِي قَوْلِهِ بِما عَصَوْا مَصْدَرِيَّةٌ، أَيْ ذَلِكَ بِعِصْيَانِهِمْ، وَلَمْ يُعْطَفْ الِاعْتِدَاءُ عَلَى الْعِصْيَانِ لِئَلَّا يَفُوتَ تَنَاسُبُ مَقَاطِعِ الْآيِ، وَلِيَدُلَّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِدَاءَ صَارَ كَالشَّيْءِ الصَّادِرِ مِنْهُمْ دَائِمًا. وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى حُلُولَ الْعُقُوبَةِ بِهِمْ مِنْ ضَرْبِ الذِّلَّةِ والمسكنة والمباءة بالغضب، بين عِلَّةَ ذَلِكَ، فَبَدَأَ بِأَعْظَمِ الْأَسْبَابِ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ كُفْرُهُمْ بِآيَاتِ اللَّهِ. ثُمَّ ثَنَّى بِمَا يَتْلُو ذَلِكَ فِي الْعِظَمِ وَهُوَ قَتْلُ الْأَنْبِيَاءِ، ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِمَا يَكُونُ مِنَ الْمَعَاصِي، وَمَا يَتَعَدَّى مِنَ الظُّلْمِ. قَالَ مَعْنَى هَذَا صَاحِبُ الْمُنْتَخَبِ، وَيَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ ذلك

[1] سورة الحج: 22/ 46.
[2] سورة المطففين: 83/ 14.
[3] سورة البقرة: 2/ 88.
[4] سورة النساء: 4/ 155.
[5] سورة النساء: 4/ 154.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 383
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست