responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 381
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْتَصَقَتْ بِهِمْ، مَنْ ضَرَبْتُ الْحَائِطَ بِالطِّينِ: أَلْصَقْتُهُ بِهِ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ جُعِلَتْ مِنْ ضَرَبْتُ الطِّينَ خَزَفًا، أَيْ جُعِلَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ. أَمَّا الذِّلَّةُ فَقِيلَ: هِيَ هَوَانُهُمْ بِمَا ضُرِبَ عَلَيْهِمْ مِنَ الْجِزْيَةِ الَّتِي يُؤَدُّونَهَا عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ، وَقِيلَ: هِيَ مَا أُلْزِمُوا بِهِ مِنْ إِظْهَارِ الزِّيِّ لِيُعْلَمَ أَنَّهُمْ يَهُودُ، وَلَا يَلْتَبِسُوا بِالْمُسْلِمِينَ، وَقِيلَ: فَقْرُ النَّفْسِ وَشُحُّهَا، فَلَا تَرَى مِلَّةً مِنَ الْمِلَلِ أَذَلُّ وَأَحْرَصُ مِنَ الْيَهُودِ. وَأَمَّا الْمَسْكَنَةُ: فَالْخُشُوعُ، فَلَا يُرَى يَهُودِيٌّ إِلَّا وَهُوَ بَادِي الْخُشُوعِ، أَوِ الْخَرَاجُ، وَهُوَ الْجِزْيَةُ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ، أَوِ الْفَاقَةُ وَالْحَاجَةُ، قَالَهُ أَبُو الْعَالِيَةِ، أَوْ مَا يُظْهِرُونَهُ مِنْ سُوءِ حَالِهِمْ مَخَافَةَ أَنْ تُضَاعَفَ عَلَيْهِمُ الْجِزْيَةُ، أَوِ الضَّعْفُ، فَتَرَاهُ سَاكِنَ الْحَرَكَاتِ قَلِيلَ النُّهُوضِ. وَاسْتَبْعَدَ صَاحِبُ الْمُنْتَخَبِ قَوْلَ مَنْ فَسَّرَ الذِّلَّةَ بِالْجِزْيَةِ، لِأَنَّ الْجِزْيَةَ لَمْ تَكُنْ مَضْرُوبَةً عَلَيْهِمْ مِنْ أَوَّلِ أَمْرِهِمْ. وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ، لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَكَانَ كَمَا أَخْبَرَ، وَالْمَضْرُوبُ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ الْيَهُودُ الْمُعَاصِرُونَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَهُ الْجُمْهُورُ، أَوِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتَلُوا الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ. والقائلون: فَادْعُ لَنا رَبَّكَ [1] ، وَمَنْ تَابَعَهُمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ.
وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ: تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ بَاءَ، فَعَلَى مَنْ قَالَ: بَاءَ: رَجَعَ، تَكُونُ الْبَاءُ لِلْحَالِ، أَيْ مَصْحُوبِينَ بِغَضَبٍ، وَمَنْ قَالَ: اسْتَحَقَّ، فَالْبَاءُ صِلَةٌ نَحْوَ: لَا يُقْرَأَنَّ بِالسُّورِ:
أَيِ اسْتَحَقُّوا غَضَبًا، وَمَنْ قَالَ: نَزَلَ وَتَمَكَّنَ أَوْ تَسَاوَوْا، وَالْبَاءُ ظَرْفِيَّةٌ، فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ تَتَعَلَّقُ بِمَحْذُوفٍ، وَعَلَى الثَّانِي لَا تَتَعَلَّقُ، وَعَلَى الثَّالِثِ بِنَفْسِ بَاءَ. وَزَعَمَ الْأَخْفَشُ أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِغَضَبٍ لِلسَّبَبِ، فَعَلَى هَذَا تتعلق بباء، وَيَكُونُ مَفْعُولُ بَاءَ مَحْذُوفًا، أَيِ اسْتَحَقُّوا الْعَذَابَ بِسَبَبِ غضب الله عليهم. وباء يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ: لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً [2] ، وَلَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ [3] ، نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ [4] . وَفِي الشَّرِّ:
وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ [5] ، أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ [6] ، فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ [7] . وَقَدْ جَاءَ اسْتِعْمَالُ الْمَعْنَيَيْنِ
فِي الْحَدِيثِ: «أَبُوءُ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي» .
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: بَاءَ لَا تَجِيءُ إِلَّا فِي الشَّرِّ. وَالْغَضَبُ هُنَا مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْبَلَاءِ وَالنِّقَمِ فِي الدُّنْيَا، أَوْ مَا يَحِلُّ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ فِي الآخرة. ويكون باؤوا في معنى يبوؤون، نحو

[1] سورة البقرة: 2/ 68- 70، وسورة الأعراف: 7/ 134.
[2] سورة العنكبوت: 29/ 58.
[3] سورة يونس: 10/ 93. [.....]
[4] سورة العنكبوت: 29/ 29.
[5] سورة آل عمران: 3/ 112.
[6] سورة المائدة: 5/ 29.
[7] سورة البقرة: 2/ 90.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 381
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست