responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 145
بِمَعْنَى أَرَادَ، وَحَذْفُ مَفْعُولِهَا جَائِزٌ لِفَهْمِ الْمَعْنَى، وَأَكْثَرُ مَا يُحْذَفُ مَعَ لَوْ، لِدَلَالَةِ الْجَوَابِ عَلَيْهِ. قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلَقَدْ تَكَاثَرَ هَذَا الْحَذْفُ فِي شَاءَ وَأَرَادَ، يَعْنِي حَذْفُ مَفْعُولَيْهِمَا، قَالَ: لَا يَكَادُونَ يُبْرِزُونَ هَذَا الْمَفْعُولَ إِلَّا فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَغْرَبِ، نَحْوَ قَوْلِهِ:
فَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَبْكِيَ دَمًا لَبَكَيْتُهُ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ [1] ، ولَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى [2] ، انْتَهَى كَلَامُهُ. قَالَ صَاحِبُ التِّبْيَانِ، وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ أَنْشَدَ قَوْلَهُ:
فَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَبْكِيَ دَمًا لَبَكَيْتُهُ ... عَلَيْهِ وَلَكِنَّ سَاحَةَ الصَّبْرِ أَوْسَعُ
مَتَى كَانَ مَفْعُولُ الْمَشِيئَةِ عَظِيمًا أَوْ غَرِيبًا، كَانَ الْأَحْسَنُ أَنْ يُذْكَرَ نَحْوُ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أَلْقَى الْخَلِيفَةَ كُلَّ يَوْمٍ لَقِيتُهُ، وَسِرُّ ذِكْرِهِ أَنَّ السَّامِعَ مُنْكِرٌ لِذَلِكَ، أَوْ كَالْمُنْكِرِ، فَأَنْتَ تَقْصِدُ إِلَى إِثْبَاتِهِ عِنْدَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْكِرًا فَالْحَذْفُ نَحْوُ: لَوْ شِئْتُ قُمْتُ. وَفِي التَّنْزِيلِ: لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هَذَا [3] ، انْتَهَى. وَهُوَ مُوَافِقٌ لِكَلَامِ الزَّمَخْشَرِيِّ. وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي عَلَى مَا ذَهَبْنَا إِلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ إِذَا كَانَ فِي مَفْعُولِ الْمَشِيئَةِ غَرَابَةٌ حَسُنَ ذِكْرَهُ، وَإِنَّمَا حُسْنُ ذِكْرِهِ فِي الْآيَةِ وَالْبَيْتِ مِنْ حَيْثُ عَوْدِ الضَّمِيرِ، إِذْ لَوْ لَمْ يُذْكَرْ لَمْ يَكُنْ لِلضَّمِيرِ مَا يَعُودُ عَلَيْهِ، فَهُمَا تَرْكِيبَانِ فَصِيحَانِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرُ. فَأَحَدُهُمَا الْحَذْفُ وَدَلَالَةُ الْجَوَابِ عَلَى الْمَحْذُوفِ، إِذْ يَكُونُ الْمَحْذُوفُ مَصْدَرًا دَلَّ عَلَيْهِ الْجَوَابُ، وَإِذَا كَانُوا قَدْ حَذَفُوا أَحَدَ جُزْأَيِ الْإِسْنَادِ، وَهُوَ الْخَبَرُ فِي نَحْوِ: لَوْلَا زَيْدٌ لَأَكْرَمْتُكَ، لِلطُّولِ بِالْجَوَابِ، وَإِنْ كَانَ الْمَحْذُوفُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُثْبَتِ فَلِأَنْ يُحْذَفَ الْمَفْعُولُ الَّذِي هُوَ فَضْلَةٌ لِدَلَالَةِ الْجَوَابِ عَلَيْهِ، إِذْ هُوَ مُقَدَّرٌ مِنْ جِنْسِ الْمُثْبَتِ أَوْلَى. وَالثَّانِي: أَنْ يُذْكَرَ مَفْعُولُ الْمَشِيئَةِ فَيَحْتَاجُ أَنْ يَكُونَ فِي الْجَوَابِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى مَا قَبْلَهُ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لَاتَّخَذْناهُ، وَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
فَلَوْ شِئْتُ أَنْ أَبْكِيَ دَمًا لَبَكَيْتُهُ وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَدُلُّ عَلَى حَذْفِهِ دَلِيلٌ فَلَا يُحْذَفُ، نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى: لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ولِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ. الشَّيْءُ: مَا صَحَّ أَنْ يُعْلَمَ مِنْ وَجْهِ وَيُخْبَرَ عَنْهُ، قَالَ سِيبَوَيْهِ، رَحِمَهُ اللَّهُ، وَإِنَّمَا يَخْرُجُ التَّأْنِيثُ مِنَ التَّذْكِيرِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّيْءَ يَقَعُ عَلَى كُلِّ مَا أُخْبِرَ عَنْهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُعْلَمَ أَذَكَرٌ هُوَ أَوْ أُنْثَى؟ وَالشَّيْءُ مُذَكَّرٌ، وَهُوَ عِنْدَنَا مُرَادِفٌ لِلْمَوْجُودِ،

[1] سورة الأنبياء: 2/ 17.
[2] سورة الزمر: 39/ 4.
[3] سورة الأنفال: 8/ 31.
نام کتاب : البحر المحيط في التفسير نویسنده : أبو حيّان الأندلسي    جلد : 1  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست