نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 1 صفحه : 76
مركبي، و ذكر اللّه أنيسي و الحزن رفيقي، و العلم سلاحي، و الصبر ردائي، و الرضا غنيمتي، و الفقر فخري، و الزهد حرفتي، و اليقين قوتي و الصدق شفيعي، و الطاعة حسبي، و الجهاد خلقي و قرة عيني في الصلاة.
و أما حلمه صلى اللّه عليه و سلم، وجوده و شجاعته، و حياؤه و حسن عشرته، و شفقته و رأفته، و رحمته و بره، و عدله و وقاره، و صبره و هيبته، و ثقته و بقية خصاله الحميدة، التي لا تكاد تحصر فكثيرة جدا فقد صنف العلماء رضي اللّه تعالى عنهم في سيرته و أيامه، و مبعثه و غزواته، و أخلاقه و معجزاته، و محاسنه و شمائله، كتبا جمة، و لو أردنا ذكر قدر يسير منها لجاء في مجلدات كثيرة، و لسنا بصدد ذلك في هذا الكتاب، قالوا: و كانت وفاته صلى اللّه عليه و سلم بعد أن أكمل اللّه تعالى لنا ديننا و أتم علينا نعمته في وسط يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأول سنة إحدى عشرة، و له صلى اللّه عليه و سلم ثلاث و ستون سنة و تولى غسله علي بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه، و دفن صلى اللّه عليه و سلم في حجرته التي بناها لأم المؤمنين عائشة رضي اللّه تعالى عنها.
خلافة أبي بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه
ثم قام بالأمر بعده صلى اللّه عليه و سلم، خليفته على الصلاة أيام مرضه، و ابن عمه الأعلى و نسيبه و صهره و مؤنسه في الغار، و وزيره و صديقه الأكبر، و خير الخلق بعده أبو بكر الصديق رضي اللّه تعالى عنه. بويع له بالخلافة في اليوم الذي توفي فيه رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم بسقيفة بني ساعدة، و لذلك قصة تركناها لطولها و اشتهارها، فقام بالأمر أتم قيام، و فتح في دولته اليسيرة اليمامة و أطراف العراق و بعض مدن الشام. و كان رضي اللّه عنه كبير الشأن زاهدا خاشعا، إماما حليما، وقورا شجاعا، صابرا رءوفا، عديم النظير في الصحابة رضي اللّه تعالى عنهم.
و لما مات النبي صلى اللّه عليه و سلم ارتدت العرب، و منعت الزكاة، فلما استخلف الصديق جمع الصحابة رضي اللّه تعالى عنهم و شاورهم في القتال، فاختلفوا عليه و قال له عمر رضي اللّه تعالى عنه كيف نقاتل الناس و قد قال [1] رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا اللّه؟فمن قالها فقد عصم مني دمه و ماله إلا بحقه و حسابه على اللّه عزّ و جلّ؟فقال الصديق رضي اللّه عنه:
«و اللّه لأقتلن من فرق بين الصلاة و الزكاة، فإن الزكاة حق المال و اللّه لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لقاتلتهم على منعها [2] » . قال عمر رضي اللّه عنه: «فو اللّه ما هو إلا أن قد شرح اللّه صدر أبي بكر للقتال، فعرفت أنه الحق» . [3] و في رواية قال عمر رضي اللّه عنه: فقلت تألف الناس و ارفق بهم فقال لي: «أجبار في الجاهلية و خوار في الإسلام يا عمر؟إنه قد انقطع الوحي و تم الدين أ ينقص و أنا حي» . ثم خرج لقتالهم.
و ذكر جماعة من المؤرخين و غيرهم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، كان قد وجه أسامة بن زيد رضي اللّه عنهما
[1] رواه البخاري في الإيمان: 7. و الصلاة: 28. زكاة: 1. و رواه مسلم في الإيمان: 32-36.