responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 1  صفحه : 449

و كانت من خروب، و ذلك أنه كان يتعبد في بيت المقدس فينبت له في محرابه كل سنة شجرة، فيسألها ما اسمك؟فتقول الشجرة: اسمي كذا، فيقول لها: لأي شي‌ء أنت؟فتقول: لكذا و كذا فيأمر بها فتقلع، فإن كانت تنبت بغرس غرست، و إن كانت لدواء كتبت، فبينما هو ذات يوم، إذ رأى شجرة بين يديه فقال لها: ما اسمك؟قالت: أنا الخروبة خرجت لخراب ملكك. فعرف أنه قد حضر أجله، فاستعد و اتخذ منها عصا، و استدعى بزاد سنة، و الجن تتوهم أنه يأكل بالليل.

و كان أمر اللّه قدرا مقدورا، و كان الذي ابتدأ في بناء بيت المقدس داود عليه السلام، فرفعه قامة رجل ثم مات، فلما استخلف ابنه سليمان عليه السلام، أحب اتمامه فجمع الجن و الشياطين، و قسم عليهم الأعمال، فخص كل طائفة منهم بعمل يستصلحها له، فأرسل الجن و الشياطين في تحصيل الرخام و المها الأبيض، و أمر ببناء المدينة بالرخام و الصفاح، و جعلها اثني عشر ربضا، و أنزل في كل ربض منها سبطا، فلما فرغ من بناء المدينة، ابتدأ في عمارة المسجد، فوجه الشياطين فرقا فرقا، يستخرجون الذهب و الفضة و الياقوت من معادنها، و الدر الصافي من البحر، و فرقا يقلعون الجواهر و الرخام من أماكنها، و فرقا يأتونه بالمسك و العنبر و سائر أنواع الطيب. فأتى من ذلك بشي‌ء لا يحصيه إلا اللّه تعالى، ثم أحضر الصناع و أمرهم بنحت تلك الحجارة المرتفعة، و تصييرها ألواحا، و ثقب اليواقيت و اللآلئ، و اصلاح الجواهر، فبنى المسجد بالرخام الأبيض و الأصفر و الأخضر و عمده بأساطين المها الصافي، و سقفه بالواح الجواهر الثمينة، و نضد سقوفه و حيطانه باللآلى و اليواقيت، و سائر الجواهر و بسط أرضه بألواح الفيروزج، فلم يكن يومئذ في الأرض بيت أبهى و لا أنور من ذلك المسجد، كان يضي‌ء في الظلماء كالقمر ليلة البدر، فلما فرغ منه جمع إليه أحبار بني إسرائيل، فأعلم أنه قد بناه للّه عز و جل خالصا و اتخذ ذلك اليوم عيدا.

فائدة:

قال بعض العلماء: سخر اللّه عز و جل الجن لسليمان عليه السلام، و أمرهم بطاعته، و وكل بهم ملكا بيده صوت من نار، فمن زاغ منهم عن أمره، ضربه الملك ضربة أحرقته. قال أهل التفسير: أجرى اللّه تعالى لسليمان عين النحاس ثلاثة أيام بلياليهن كجري الماء، و كان ذلك بأرض اليمن، و إنما ينتفع الناس اليوم بما أخرج اللّه لسليمان من النحاس.

و روى الحاكم عن إبراهيم بن طهمان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما، أن النبي صلى اللّه عليه و سلم قال: «كان سليمان نبي اللّه، إذا قام في مصلاه، رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول: ما اسمك؟فتقول: كذا. فيقول: لأي شي‌ء أنت؟فتقول:

لكذا و كذا فإذا كانت لدواء كتبت، و إن كانت لغرس غرست، فبينما هو يصلي يوما إذ رأى شجرة، فقال: ما اسمك؟قالت: الخروب. فقال: لأي شي‌ء أنت؟قالت: لخراب هذا البيت.

فقال سليمان عند ذلك: اللهم عم على الجن موتي، حتى يعلم الإنس إن الجن لا تعلم الغيب، قال: فاتخذ منها عصا، و توكأ عليها، فأكلتها الأرضة، فسقط، فوجدوه ميتا حولا، فتبينت الإنس أن الجن، لو كانوا يعلمون الغيب، ما لبثوا حولا في العذاب المهين‌ [1] » . و كان ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما يقرؤها هكذا ما لبثوا حولا في العذاب المهين، فشكرت الجن الأرضة.

و كانت تأتيها بالماء و التراب حيث كانت ثم قال: صحيح الإسناد.


[1] رواه ابن ماجة إقامة: 199، و الدارمي مقدمة: 6 و ابن حنبل: 2-137.

نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري    جلد : 1  صفحه : 449
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست