نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 1 صفحه : 231
من دابة إلا و هي مصيخة يوم الجمعة فرقا من قيام الساعة إلا الجن و الإنس» . و إصاختها بإلهام اللّه إياها في ذلك اليوم، محمول على ما جبلها اللّه تعالى عليه من توقيها لما يضرها، و انقيادها إلى ما ينفعها جبلة لا عقلا و إحساسا حيوانيا، لا إدراكا فهميا. و إذا جبل اللّه النملة على حمل قوتها و ادّخاره لزمن الشتاء فجبله البهيمة على الإصاخة محاذرة يوم القيامة أولى. و من استقرى أحوال الحيوانات، رأى حكمة اللّه فيها لما سلبها العقل جعل لها حسا تفرق به بين الضار لها و النافع، و جبلها على أشاء و ألهمها إياها لا توجد في الإنسان إلا بعد التعلم و تدقيق النظر فمنها النحلة المحكمة لتسديس مخزن قوتها، حين يتعجب منه أهل الهندسة. و العنكبوت المتقنة لخيوط بيوتها و تناسب دوائرها. و كذلك السرفة في إحكام بيتها مربعا من عيدان و قد ظهرت من البهائم الصنائع العجيبة، و الأفاعيل الغريبة، و لم يسلبها رب العالمين سوى العبارة عن ذلك، و النطق به و لو شاء أنطقها كما أنطق النملة في عهد سليمان على نبينا و عليه أفضل الصلاة و السلام. و البهيم من الخيل الذي لا شية فيه الذكر و الأنثى فيه سواء. و البهم من النعاج السود التي لا بياض فيها و أما قوله صلى اللّه عليه و سلم في الحديث [1] : «يحشر الناس يوم القيامة بهما» فمعناه أنه ليس بهم شيء مما كان في الدنيا نحو البرص و العرج و العمى و العور و غير ذلك. و إنما هي أجساد مصححة لخلود الأبد في الجنة أو النار. و قيل: بل عراة ليس عليهم من متاع الدنيا شيء و هذا يخالف الأول من حيث المعنى و من شعر مسعر بن [2] كدام أحد الأعلام:
نهارك يا مغرور سهو و غفلة # و ليلك نوم و الردى لك لازم
و تتعب فيما سوف تكره غبه # كذلك في الدنيا تعيش البهائم
فرع:
اختلف أصحابنا في نقض الوضوء بمس فرج البهيمة على وجهين: أحدهما ينقض لعموم النقض بمس الفرج. و الأصح أنه لا ينقض، إذ لا حرمة لها و لا تعبد عليها. و أما دبرها فلا ينقض قطعا، قال الدارمي: و لا فرق في الخلاف بين البهائم و الطير.
الأمثال:
قالوا: «ما الإنسان لو لا اللسان إلا صورة ممثلة أو بهيمة مهملة» يضرب في مدح القدرة على الكلام.
البوم و البومة
: بضم الباء طائر يقع على الذكر و الأنثى حتى تقول: صدى أو قياد فيختص بالذكر و كنية الأنثى أم الخراب و أم الصبيان و يقال لها أيضا غراب الليل. قال [3] الجاحظ:
و أنواعها الهامة و الصدى و الضوع و الخفاش و غراب الليل و البومة. و هذه الأسماء كلها مشتركة أي تقع على كل طائر من طير الليل يخرج من بيته ليلا قال و بعض هذه الطيور يصيد الفأر و سام أبرص و العصافير و صغار الحشرات و بعضها يصيد البعوض. و من طبعها أن تدخل على كل طائر