نام کتاب : حياة الحيوان الكبري نویسنده : الدميري جلد : 1 صفحه : 132
و رموهما بالحجارة، و جرى بينهم حرب شديد، آخره أن أصحاب المقتدر ظهروا عليهما فانهزما و انهزم المرتضى باللّه، و تفرق أصحابه و استتر عند ابن الجصاص، و لم يتم له أمر غير يوم و ليلة، و لذلك يعد المؤرخون خلافته في هذه المدة. ثم عاد المقتدر إلى ما كان عليه، ثم ظفر بالمرتضي باللّه فقتله خنقا، و أظهر أنه مات حتف أنفه، و أخرج و هو ميت من دار الخلافة، فدفنوه في خرابة بازاء داره، و كان عمره خمسين سنة.
قال [1] ابن خلكان في ترجمته كان شاعرا ماهرا، فصيحا مجيدا مخالطا للعلماء و الأدباء، و هو صاحب التشبيهات التي أبدع فيها و لم يتقدمه من شق غباره، و كان قد اتفق معه جماعة و خلعوا المقتدر و بايعوه و لقبوه بالمرتضي باللّه فأقام يوما و ليلة، ثم إن اصحاب المقتدر تحزبوا و حاربوا أعوان ابن المعتز و شتتوهم، فاستخفى ابن المعتز ثم أخذ ليلا، فلما ادخل على المقتدر أمر به فطرح على الثلج عريانا، وحشي سراويله ثلجا. فلم يزل كذلك و المقتدر يشرب، إلى أن مات، و ذلك في شهر ربيع الآخر سنة ست و تسعين و مائتين رحمه اللّه.
ليس هو بمعدود في الخلفاء لأنه لم يثبت له أمر. و استمر للمقتدر الأمر إلى أن بلغ مؤنسا الخادم أن المقتدر قد عزم على اغتياله، و كان مؤنس مقدم جيش المقتدر فبلغ المقتدر ما نقل إلى مؤنس فحلف على بطلان ذلك. و أسرها مؤنس في نفسه، ثم جرى بين العامة و بين بعض مماليكه حرب، فظن أن ذلك بأمر المقتدر فوافى مؤنس دار الخلافة في اثني عشر ألف فارس، فدخل إلى المقتدر و قبض عليه و على والدته السيدة، و حملهما إلى قصره و نهب الجند دار الخلافة و خلع المقتدر نفسه، من الخلافة و كتب بذلك إلى الآفاق فلما كان ثاني يوم خلعه، شغب الجند و قتلوا صاحب الشرطة، و هرب ابن مقلة الوزير، و هرب الحجاب و جاء المقتدر فجلس، و أحضر أخاه القاهر و أجلسه بين يديه، و قبل ما بين عينيه، و قال: يا أخي لا ذنب لك فجعل القاهر يقول: اللّه اللّه في نفسي يا أمير المؤمنين، فقال المقتدر: و اللّه و حق رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم لا جرى عليك مني سوء أبدا و عاد ابن مقلة الوزير و كتب إلى الآفاق بخلافة المقتدر، ثم جرى بين المقتدر و بين مؤنس الخادم حرب فاقتحم المقتدر نهر السكران [2] فأحاط به جماعة من البربر فقتله رجل منهم، و أخذوا رأسه و سلبه و ثيابه، و مضوا إلى مؤنس الخادم، فمر بالمقتدر رجل من الاكراد فستر عورته بحشيش و دفنه، و أخفى أثره.
و كان قتله يوم الأربعاء لثلاث بقين من شوال سنة ست عشرة و ثلاثمائة و هو ابن ثمان و ثلاثين سنة و شهر. و كانت خلافته أربعا و عشرين سنة و إحدى عشر شهرا خلع فيها مرتين ثم قتل كما تقدم.
و حكى الذهبي أن خلافته كانت خمسا و عشرين سنة و انه عاش ثمانيا و ثلاثين سنة، و إنه كان مسرفا مبذرا للمال ناقص الرأي أعطى جارية له الدرة اليتيمة و كان وزنها ثلاثة مثاقيل، و ما كانت تقوم و قيل: إنه محق من الذهب ثمانين ألف ألف دينار في أيامه و إنه خلف من الأولاد عدة منهم الرضي باللّه المقتفي باللّه و إسحاق و المطيع للّه.