نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 86
علي سبيل حتى يدنو الشخص فلعله صاحبي، فبينما هما كذلك أقبل الطائي فقال النعمان: و اللّه ما رأيت أكرم منكما و ما أدري أيكما أكرم أ هذا الذي ضمنك و هو الموت أم أنت و قد رجعت إلى القتل؟و اللّه لا أكون الأم الثلاثة، فأطلقه و أمر برفع يوم بؤسه. و أنشد الطائي:
و لقد دعتني للخلاف عشيرتي # فابيت عند تجهم الأقوال
إني امرؤ مني الوفاء سجية # و فعال كل مهذب بذّال
فقال النعمان: ما حملك على الوفاء؟قال: ديني. قال: و ما دينك؟ قال: النصرانية. قال: اعرضها عليّ، فعرضها عليه، فتنصر النعمان [1] .
و ضده، قيل: كتب صاحب بريد همذان إلى المأمون و هو بخراسان يعلمه إن كاتب صاحب البريد المعزول اخبره أن صاحبه و صاحب الخراج كانا تواطأ اعلى اخراج مائتي الف درهم من بيت المال و اقتسماها بينهما، فوضع المأمون، إنا ترى قبول السعاية شرا من السعاية لأن السعاية دلالة و القبول اجارة و ليس من دل على شيء كمن قبله و أجازه، فأنف الساعي عند ذلك و قال: يا أمير المؤمنين رضي اللّه عنك. المعذرة فإن الساعي و إن كان في سعايته صادقا لقد كان في صدقه لئيما إذ لم يحفظ الحرمة و لم يف لصاحبه.
قال: و دخل رجل على سليمان بن عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين، عندي نصيحة. قال: و ما نصيحتك هذه؟قال: فلان كان عاملا ليزيد بن معاوية و عبد الملك و الوليد، فخانهم فيما تولاه ثم اقتطع اموالا كثيرة جليلة فمر باستخراجها منه. قال: أنت شر منه و أخون حيث أطلقت على أمره و اظهرته و لو لا أني انفر النصاح لعاقبتك، و لكن اختر مني خصلة من ثلاث.
قال: اعرضهن يا أمير المؤمنين. قال: إن شئت فتشنا عما ذكرت، فإن كنت صادقا مقتناك، و إن كنت كاذبا عاقبناك و إن استقلت أقلناك، فاستقاله الرجل.
[1] إن خبر تنصر النعمان يبعث على الشك. فالمرء لا يقتنع أن سبب تنصر النعمان وفاء هذا الرجل النصراني.
نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 86