نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 331
القيان
قال الأصمعي بعث إليّ هارون الرشيد، و هو بالرقة فحملت إليه، فأنزلني الفضل بن الربيع، ثم أدخلني عليه وقت الغروب، فاستدناني، و قال: يا عبد الملك، وجهت إليك بسبب جاريتين أهديتا إليّ، و قد أخذنا طرفا من الأدب أحببت أن تبرز ما عندهما، و تسير على الصواب فيهما، ثم أمر بإحضار هما فحضرت جاريتان ما رأيت مثلهما قط، قلت لإحداهما، «ما عندك من العلم» ؟قالت: «ما أمر اللّه في كتابه، ثم ما ينظر فيه الناس من الأشعار و الأخبار» . فسألتها عن حروف القرآن، فأجابتني كأنها تقرأ في كتاب اللّه. ثم سألتها عن الأشعار و الأخبار و النحو و العروض، فما قصّرت عن جوابي في كل من أخذت فيه. فقلت لها: فأنشدينا شيئا فأنشدت:
يا غياث البلاد في كلّ محل # ما يريد العباد إلاّ رضاكا
لا و من شرّف الإمام، و أغلى # ما أطاع الإله عبد عصاكا
فقلت: يا أمير المؤمنين!ما رأيت امرأة في نسك رجل مثلها، و خبرت الأخرى، فوجدتها دونها، فأمر أن تصنع تلك الجارية لتحمل إليه في تلك الليلة، ثم قال لي: «يا عبد الملك، أنا ضجر، و أحب أن تسمعني حديثا مما سمعت من أعاجيب الزمان نفرح به» . فقلت: يا أمير المؤمنين!كان لي صاحب في بدو بني فلان، و كنت أغشاه، و أتحدث معه، و قد أتت عليه ستّ و تسعون سنة، و هو أصح الناس ذهنا، و أقواهم بدنا، فغبت عنه، ثم أتيته، فوجدته ناحل البدن، كاسف البال، فسألته عن سبب تغيّره، فقال: قصدت بعض القرابة، فألفيت عندهم جارية قد طلت بالورس بدنها، و في عنقها طبل تنشد عليه:
محاسنها سهام للمنايا # مريّشة بأنواع الطّيوب
ترى ريب المنون بهنّ سهما # تصيب بنصله مخّ القلوب
فقلت:
قفي شفتي من موضع الطبل ترتعي # كما قد أبحت الطّبل في جيدك الحسن
نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 331