responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 159

محاسن المواعظ

قال الأصمعي‌ [1] : حججت، فنزلت ضريّة، فإذا أعرابي قد كوّر عمامته على رأسه، و قد تنكّب قوسا؛ فصعد المنبر، فحمد اللّه و أثنى عليه، ثم قال: «أيها الناس!إنما الدنيا دار ممرّ، و الآخرة دار مقرّ. فخذوا من ممرّكم لمقرّكم، و لا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم. أما بعد، فإنه لن يستقبل أحد يوما من عمره إلاّ بفراق آخر من أجله؛ فاستعجلوا لأنفسكم لما تقدمون عليه، لا لما تطعنون عنه؛ و راقبوا من ترجعون إليه، فإنه لا قويّ أقوى من خالق و لا ضعيف أضعف من مخلوق، و لا مهرب من اللّه إلاّ إليه؛ و كيف يهرب من يتقلّب بيني يدي طالبه «و إنما توفّون أجوركم يوم القيامة، فمن زحزح عن النار و أدخل الجنة، فقد فاز، و ما الحياة الدنيا إلاّ متاع الغرور» .

و قال بعض الأعراب: «إن الموت ليقتحم على بني آدم كاقتحام الشيب على الشباب؛ و من عرف الدنيا لم يفرح بها فهو خائف، و لم يحزن فيها على بلوى؛ و لا طالب أغشم من الموت، و من عطف عليه الليل و النهار أردياه، و من وكل به الموت أفناه» . و قال أعرابي: «كيف يفرح بممر تنقصه الساعات، و بسلامة بدن معرّض للآفات؟لقد عجبت من المرء يفرّ من الموت، و هو سبيله، و لا أرى أحد إلاّ استدركه الموت» . و قيل: وجد في كتاب من كتب بزرجمهر صحيفة مكتوب فيها: «إن حاجة اللّه إلى عباده أن يعرفوه؛ فمن عرفه لم يعصه طرفة عين. كيف البقاء مع الفناء، و كيف يأسى


[1] الأصمعي هو عبد الملك بن قريب الباهلي (123-216هـ) ولد و مات في البصرة.

عالم بالأخبار و النوادر و رواية الشعر. من كتبه: كتاب الخيل، نوادر العرب.

نام کتاب : المحاسن و الأضداد نویسنده : الجاحظ    جلد : 1  صفحه : 159
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست