نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 305
و قيصر لما كان أهل مملكته من الحبش في هذا الموضع. و هو لم يفضّل النجاشي لمكان إسلامه، يدل على ذلك تفصيله لكسرى و قيصر. و كان وضع كلامه على ذكر الممالك، ثم ترك الممالك و أخذ في ذكر الملوك. و الدليل على أن العرب أنطق، و إن لغتها أوسع، و إن لفظها أدلّ، و أن أقسام تأليف كلامها أكثر، و الأمثال التي ضربت فيها أجود و أسير. و الدليل على أن البديهة مقصور عليها، و أن الارتجال و الاقتضاب خاصّ فيها، و ما الفرق بين أشعارهم و بين الكلام الذي تسميه الروم و الفرس شعرا. و كيف صار النسيب في أشعارهم و في كلامهم الذي أدخلوه في غنائهم و في ألحانهم إنما يقال على ألسنة نسائهم، و هذا لا يصاب في العرب إلا القليل اليسير. و كيف صارت العرب تقطع الألحان الموزونة على الأشعار الموزونة، فتضع موزونا على موزون، و العجم تمطّط الألفاظ فتقبض و تبسط حتى تدخل في وزن اللحن فتضع موزونا على غير موزون.
و سنذكر في الجزء الثاني من أبواب العيّ و اللحن و الغلط و الغفلة، أبوابا طريفة، و نذكر فيه النوكى من الوجوه و مجانين العرب، و من ضرب به المثل منهم، و نوادر من كلامهم، و مجانين الشعراء. و لست أعني مثل مجنون بني عامر، و مجنون بني جعدة، و إنما أعني مثل أبي حية في أهل البادية، و مثل جعيفران في أهل الأمصار، و مثل أريسيموس اليوناني.
و سنذكر أيضا بقية أسماء الخطباء و النساك و أسماء الظرفاء و الملحاء، إن شاء اللّه. و سنذكر من كلام الحجاج و غيره، ما أمكننا في بقية هذا الجزء إن شاء اللّه.
[من كلام الحجاج و غيره]
و قال أبو الحسن المدائني: قال الحجاج لأنس بن مالك، حين دخل عليه في شأن ابنه عبد اللّه، و كان خرج مع ابن الأشعث: «لا مرحبا بك و لا أهلا. لعنة اللّه عليك من شيخ جوّال في الفتنة، مرة مع أبي تراب و مرة مع ابن الأشعث. و اللّه لأقلعنك قلع الصّمغة، و لأعصبنّك عصب السلمة، و لأجرّدنّك
نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 305