نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 268
[الجارود بن أبي سبرة]
و كان الجارود بن أبي سبرة و يكنى أبا نوفل، من أبين الناس و أحسنهم حديثا، و كان راوية علامة، شاعرا مفلقا، و كان من رجال الشيعة. و لما استنطقه الحجّاج قال: ما ظننت أن بالعراق مثل هذا. و كان يقول: ما أمكنني وال قط من أذنه إلا غلبت عليه، ما خلا هذا اليهودي-يعني بلال بن أبي بردة-و كان عليه متحاملا، فلما بلغه أنه دهق [1] حتى دقت ساقه، و جعل الوتر في خصييه، أنشأ يقول:
لقد قرّ عيني أن ساقيه دقّتا # و أن قوى الأوتار في البيضة اليسرى
بخلت و راجعت الخيانة و الخنا # فيسرك اللّه المقدّس للعسرى
فما جذع سوء خرّب السوس جوفه # يعالجه النجار يبرى كما تبرى
و إنما ذكر الخصية اليسرى لأن العامة تقول: إن الولد منها يكون.
[عبد اللّه بن عباس]
و من الخطباء الذين لا يضاهون و لا يجارون: عبد اللّه بن عباس. قالوا:
خطبنا بمكة، و عثمان محاصر، خطبة لو شهدتها الترك و الديلم لأسلمتا.
قال: و ذكره حسان بن ثابت فقال:
إذا قال لم يترك مقالا لقائل # بملتقطات لا ترى بينها فضلا
كفى و شفى ما في النفوس و لم يدع # لذي إربة في القول جدا و لا هزلا
سموت إلى العليا بغير مشقة # فنلت ذراها لا دنيا و لا و غلا
و قال الحسن: كان عبد اللّه بن عباس أول من عرّف بالبصرة، صعد المنبر فقرأ البقرة و آل عمران، ففسرهما حرفا حرفا، و كان و اللّه مثجّا يسيل غربا، و كان يسمى البحر و حبر قريش. و قال فيه النبي صلّى اللّه عليه و آله: «اللهم فقهه في الدين، و علمه التأويل» و قال عمر: «غص غوّص» . و نظر إليه يتكلم فقال: