نام کتاب : البيان و التبيين نویسنده : الجاحظ جلد : 1 صفحه : 255
و قال محمد بن عمير: إن زيدا لما رأى الأرض قد طبّقت [1] جورا، و رأى قلّة الأعوان و تخاذل الناس، كانت الشهادة أحبّ الميتات إليه.
و كان زيد كثيرا ما ينشد:
شرّده الخوف و أزرى به # كذاك من يكره حرّ الجلاد
منخرق الخفّين يشكو الوجى # تنكبه أطراف مرو حداد
قد كان في الموت له راحة # و الموت حتم في رقاب العباد
و قال: و كان كثيرا ما ينشد شعر العبسيّ في ذلك:
إن المحكّم ما لم يرتقب حسبا # أو يرهف السيف أو حدّ القنا جنفا
من عاذ بالسيف لاقى فرصة عجبا # موتا على عجل أو عاش منتصفا
و لما بعث يوسف بن عمر برأس زيد، و نصر بن خزيمة، مع شبّة بن عقال، و كلف آل أبي طالب أن يبرءوا من زيد، و يقوم خطباؤهم بذلك. فأول من قال عبد اللّه بن الحسن، فأوجز في كلامه ثم جلس، ثم قام عبد اللّه بن جعفر، فأطنب في كلامه، و كان شاعرا بيّنا، و خطيبا لسنا، فانصرف الناس و هم يقولون: ابن الطيّار أخطب الناس!فقيل لعبد اللّه بن الحسن في ذلك، فقال: لو شئت أن أقول لقلت، و لكن لم يكن مقام سرور. فأعجب الناس ذلك منه.
[هند بنت الخس و جمعة بنت حابس]
و من أهل الدهاء و النّكراء [2] ، و من أهل اللسن و اللقن، و الجواب العجيب، و الكلام الفصيح، و الأمثال السائرة، و المخارج العجيبة: هند بنت الخسّ، و هي الزرقاء، و جمعة بنت حابس. و يقال إن حابسا من إياد.
[1] طبقت: ملئت و عمت و غشيت. طبق السحاب الجو: غشاه.