وإنما كان كذلك ؛ لأن الغضب يلزمه فى الأغلب حرارة الباطن ، وقالوا : عجل
وعجلان ، فعجل باعتبار الطيش والخفة ، وعجلان باعتبار حرارة الباطن
والمقصود أن
الثلاثة المذكورة إذا تقاربت فقد تشترك وقد تتناوب
وقالوا : قدح [١] قربان إذا قارب الامتلاء : ونصفان إذا امتلأ إلى النصف
، وإن لم يستعمل قرب ونصف ، بل قارب وناصف ؛ حملا على المعنى : أى امتلأ.
ويجىء فعيل
فيما حقه فعل ؛ كسقيم ومريض ، وحمل سليم على مريض ، والقياس سالم
ومجىء فعيل فى
المضاعف والمنقوص اليائى أكثر كالطّبيب واللّبيب والخسيس والتّقىّ والشّقىّ ،
وقد جاء فاعل
فى معنى الصفة المشبهة ـ أى : مطلق الاتصاف [٢] بالمشتق
[١] أخذ المؤلف هذه
العبارة عن سيبويه قال : «وقالوا : قدح نصفان وجمجمة نصفى ، وقدح قربان وجمجمة
قربى ؛ إذا قارب الامتلاء ، جعلوا ذلك بمنزلة الملآن ؛ لأن ذلك معناه معنى
الامتلاء ؛ لأن النصف قد امتلأ ، والقربان ممتلىء أيضا إلى حيث بلغ ، ولم نسمعهم
قالوا : قرب ولا نصف ، اكتفوا بقارب وناصف ، ولكنهم جاءوا به كأنهم يقولون قرب
ونصف ، كما قالوا : مذاكير ، ولم يقولوا : مذكير ولا مذكار» اه ، والجمجمة : القدح
أيضا
[٢] هذا رأى للمؤلف
خالف به المتقدمين من فطاحل العلماء ؛ فان مذهبهم أن الصفة المشبهة موضوعة للدلالة
على استمرار الحدث لصاحبه فى جميع الأزمنة ، وقد أوضح هذه المخالفة فى شرح الكافية
فقال : (ج ٢ ص ١٩١): «والذى أرى أن الصفة المشبهة كما أنها ليست موضوعة للحدوث فى
زمان ليست أيضا موضوعة للاستمرار فى جميع الأزمنة ؛ لأن الحدوث والاستمرار قيدان
فى الصفة ، ولا دليل فيها عليهما ، فليس معنى حسن فى الوضع إلا ذو حسن ، سواء كان
فى بعض الأزمنة