يجوز أن يكون
أيضا في الأصل عندهم مكسور العين كأخواته ، ثم ضم بعد
على الصحاح : «الشعر
لجرير وليس للبيد كما زعم» ، وكذا نسبه الصاغانى فى العباب لجرير ، وقد رجعنا إلى
ديوان جرير فألفيناه فيه ، وقبله وهو أول قصيدة يهجو فيها الفرزدق :
لم أر قبلك يا أمام خليلا
أنأى بحاجتنا وأحسن قيلا
واستشهد المؤلف بالبيت على أن الضم فى
مضارع وجد لغة ضعيفة خاصة ببنى عامر ، ووجه ضعفها أنها خارجة عن القياس والاستعمال
، إذ القياس ألا تحذف فاء المثال إذا كانت واوا إلا من المضارع المكسور العين ،
والاستعمال الغالب فى هذه الكلمة الكسر ، قال الله تعالى (فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا
فِيها أَحَداً فَلا تَدْخُلُوها حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ) (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ
فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ)
فيكون الضم شاذا قاسا واستعمالا ، ثم إن ابن مالك ذهب فى التسهيل إلى أن لغة بنى
عامر ليست مقصورة على يجد ، بل هى عامة فى كل ما فاؤه واو من المثال : أى أنهم
يحذفون الفاء ويضمون العين من كل مثال واوى على فعل (بفتح العين) فيقولون فى وكل :
يكل ، وفى ولد : يلد ، وفى وعد : يعد ، وهكذا ، وهذا القول الذى قاله ابن مالك
مخالف لما ذهب إليه فحول النحويين ، قال السيرافى : «إن بنى عامر يقولون ذلك فى
يجد من الموجدة والوجدان ، وهم فى غير يجد كغيرهم» وكذا قال صاحب الصحاح ، وقال
ابن جنى فى سر الصناعة : «ضم الجيم من يجد لغة شاذة غير معتد بها لضعفها وعدم
نظيرها ومخالفتها ما عليه الكافة فيما هو بخلاف وضعها» اه وقال الرازى فى المختار
: «ويجد بالضم لغة عامرية لا نظير لها فى باب المثال» اه وقال ابن عصفور : «وشذ من
فعل الذى فاؤه واو لفظة واحدة فجاءت بالضم وهى : وجد يجد ، قال : وأصله يوجد (بالكسر)
فحذفت الواو لكون الضمة هنا شاذة والأصل الكسر» اه ، وقال ابن جنى فى شرح تصريف
المازنى : «فأما قول الشاعر :
لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة
تدع الحوائم لا يجدن غليلا
فشاذ ، والضمة عارضة ، ولذلك حذفت الفاء
، كما حذفت فى يقع ويدع ، وإن كانت الفتحة هناك ؛ لأن الكسر هو الأصل ، وإنما
الفتح عارض» اه