اعلم أن أصول
حروف المعجم عند الكافة [١] تسعة وعشرون حرفا. فأولها الألف ، وآخرها الياء ، على
المشهور من ترتيب حروف المعجم ، إلا أبا العباس ، فإنه كان يعدّها ثمانية وعشرين
حرفا ، ويجعل أولها الباء ، ويدع الألف من أولها ، ويقول : هي همزة ، ولا تثبت على
صورة واحدة ، وليست لها صورة مستقرة ، فلا أعتدها مع الحروف التي أشكالها محفوظة
معروفة.
وهذا الذي ذهب
إليه أبو العباس [٢] غير مرضي منه عندنا ، وسأوضح القول فيه بإذن الله.
اعلم أن الألف
التي في أول حروف المعجم هي صورة الهمزة ، وإنما كتبت الهمزة واوا مرة وياء أخرى ،
على مذهب أهل الحجاز في التخفيف [٣] ، ولو أريد تحقيقها البتة ، لوجب أن تكتب ألفا على كل حال
، يدل على صحة ذلك أنك إذا أوقعتها موقعا لا يمكن فيه تخفيفا ، ولا تكون فيه إلا
محققة ، لم يجز أن تكتب إلا ألفا ، مفتوحة كانت أو مضمومة أو مكسورة. وذلك إذا
وقعت أولا ، نحو : أخذ ، وأخذ ، وإبراهيم. فلما وقعت موقعا لا بد فيه من تحقيقها
اجتمع على كتبها ألفا البتة [٤].
[١]الكافة : الجميع
، ويقصد بهم عموم النحاة ، مادة «كفّ». اللسان (٥ / ٣٩٠٤).
[٢] أبو العباس : هو
أبو العباس المبرد أحد النحاة المعتد بآرائهم.
[٣] إنما يكون ذلك
عند أهل الحجاز إذا لم تقع أول الكلمة.
[٤]البتة : قطعا لا
رجعة فيه. مادة (ب. ت. ت). اللسان (١ / ٢٠٤).