نام کتاب : أسرار العربيّة نویسنده : ابن الأنباري جلد : 1 صفحه : 268
حروف [١] الاستفهام؟ قيل : إنّما أقاموها مقام حروف الاستفهام
توسّعا في الكلام ، ولكلّ واحد منها موضع يختصّ به ، ف «من» سؤال عمّن يعقل ، و «ما»
سؤال عمّا لا يعقل ، و «كم» سؤال عن العدد ، و «كيف» سؤال عن الحال ، و «أين» ، و
«أنّى» سؤال عن المكان ، و «متى ، وأيّ حين ، وأيّان» سؤال عن الزّمان ، و «أيّ»
يحكم عليها بما تضاف إليه ؛ فإنّها لا تكون إلّا مضافة ، ألا ترى أنّك لو قلت : من
عندك؟ ؛ لوجب أن يقول المجيب : زيد أو عمرو ، وما أشبه ذلك ، ولو قال : فرس ، أو
حمار ، لم يجز ؛ لأنّ «من» سؤال عمّن يعقل ، لا عمّا لا يعقل ؛ وكذلك لو قلت : أين
زيد؟ ؛ لوجب أن تقول : في الدّار أو في المسجد ، وما أشبه ذلك ؛ فلو قال : يوم
الجمعة لم يجز ؛ لأنّ «أين» سؤال عن المكان ، لا عن الزّمان ؛ وكذلك ـ أيضا ـ لو
قلت : متى الخروج؟ ؛ لوجب أن تقول : «يوم الجمعة ، أو يوم السّبت» / أ/ و [٢] ما أشبه ذلك ، ولو قال : في الدّار ، أو في المسجد ؛ لم
يجز ، لأنّ «متى» سؤال عن الزّمان لا عن المكان ، وكذلك سائرها.
[علّة إقامة هذه الكلمات مقام الهمزة]
فإن قيل : فلم
أقاموا هذه الكلم مقام حرف واحد ، وهي همزة الاستفهام ، وهم يتوخّون الإيجاز
والاختصار في الكلام؟ قيل : إنّما فعلوا ذلك للمبالغة في طلب الإيجاز والاختصار ،
وذلك ؛ لأنّ هذه الكلم تشتمل على الجنس الذي تدلّ عليه ، ألا ترى أنّ «من» تشتمل
على جميع من يعقل ، و «أين» تشتمل على جميع الأمكنة ، و «متى» تشتمل على جميع
الأزمنة ، وكذلك سائرها؟ فلمّا كانت تشتمل على هذه الأجناس ؛ كان فيها فائدة ليست
في الهمزة ، ألا ترى أنّك لو قلت : أزيد عندك؟ ؛ لجاز ألّا يكون زيد عنده ؛ فيقول
: «لا» فتحتاج إلى أن تعيد السّؤال ، وتعدّ شخصا شخصا ، وربّما لا يذكر الشخص الذي
هو عنده ، فلا يحصل لك الجواب عمّن عنده ؛ لأنّه لا يلزمه ذلك في سؤالك ، فلمّا
كان ذلك يؤدّي إلى التّطويل ؛ لأنّ استيعاب الأشخاص مستحيل ، أتى بلفظة تشتمل على
جميع من يعقل وهي «من» فأقاموها مقام «الهمزة» ليلزم المسؤول الجواب عمّن عنده ،
وكذلك لو قلت : أفي الدّار زيد ، أو في المسجد ؛ لجاز ألّا يكون في واحد منهما ؛
فيقول : «لا» فتحتاج ـ أيضا ـ أن تعيد السؤال ، وتعدّ مكانا مكانا ، وربّما لا
يذكر ذلك المكان الذي هو فيه ، فلا يحصل لك الجواب عن