نام کتاب : أسرار العربيّة نویسنده : ابن الأنباري جلد : 1 صفحه : 232
يشابه لفظ الجمع ، ألا ترى أنّ الجمع في حالة النّصب والجرّ يكون في آخره
ياء قبلها كسرة ، وبعدها نون ؛ كقولهم [١] : «تفعلين» فلمّا أشبه لفظ الجمع ، حمل عليه ؛ ولهذا ،
فتحت النّون منه حملا على الجمع ـ أيضا ـ وكذلك كسروا النّون في «يفعلان» وفتحوها
من «يفعلون» حملا على تثنية الأسماء وجمعها. وهذه الأمثلة معربة ، لا حرف إعراب
لها ، وذلك لما بيّنّا من استحالة جعل اللّام أو الضّمير أو النّون حرف الإعراب ،
وليس لها نظير في كلامهم.
[علّة عدم كون يفعلان ويفعلون مثنّى وجمعا]
فإن قيل :
فهلّا كان «يفعلان ، ويفعلون» تثنية وجمعا ل «يفعل» كما كان «زيدان ، وزيدون»
تثنية وجمعا ل «زيد»؟ قيل : لأنّ الفعل لا يجوز تثنيته ، ولا جمعه ، وإنّما لم يجز
ذلك لأربعة أوجه :
الوجه الأوّل :
أنّ الفعل يدلّ على المصدر ، والمصدر لا يثنّى ولا يجمع ؛ لأنّه يدلّ على الجنس ،
إلّا أن تختلف أنواعه ، فيجوز تثنيته وجمعه ، فلمّا كان الفعل يدلّ على المصدر /
المبهم / [٢] الدّال على الجنس ، لم يجز تثنيته ولا جمعه.
والوجه الثّاني
: أنّ الفعل لو جازت تثنيته مع الاثنين ، وجمعه مع الجماعة ؛ لجازت تثنيته وجمعه
مع الواحد ، فكن يجوز أن يقال «زيد قاما ، وقاموا» إذا فعل ذلك مرّتين أو مرارا ،
فلمّا لم يجز ذلك ، دلّ على أنّه لا يثنّى ، ولا يجمع.
والوجه الثّالث
: أن الفعل ليس بذات يقصد إليها بأن يضمّ إليها غيرها ، كما يكون ذلك في الأسماء ؛
فلذلك لم يثنّ ، ولم يجمع.
والوجه الرّابع
: أنّ الفعل يدلّ على مصدر ، وزمان ، فصار في المعنى كأنّه اثنان ، فكما لا يجوز
تثنية الاسم المثنّى كذلك [٣] لا يجوز تثنية الفعل.
[الألف والواو في الأفعال الخمسة تدلّان على تثنية وجمع الضّمير لا الفعل]
فإن قيل : أليس
الألف في «يفعلان» تدلّ على التّثنية ، والواو في «يفعلون» تدلّ على الجمع؟ قيل :
الألف والواو تدلّان على التّثنية والجمع ، لكن [٤] على تثنية الضّمير وجمعه ، لا على تثنية الفعل وجمعه
لما [٥] بيّنّا ؛ فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.