نام کتاب : أسرار العربيّة نویسنده : ابن الأنباري جلد : 1 صفحه : 130
هذه الأفعال داخلة على المبتدأ والخبر ، وكما [١] أنّ المبتدأ ، لا بدّ له من الخبر ، والخبر لا بدّ له
من المبتدأ ، فكذلك لا بدّ لأحد المفعولين من الآخر.
[وجوب إعمال هذه الأفعال حال تقدّمها وجواز إلغائها عند توسّطها وتأخّرها]
فإن قيل : فلم
وجب إعمال هذه الأفعال إذا تقدّمت ، وجاز إلغاؤها إذا توسّطت وتأخّرت؟ قيل : إنّما
وجب إعمالها إذا تقدّمت لوجهين :
أحدهما : أنّها
إذا تقدّمت ، فقد وقعت في أعلى مراتبها ؛ فوجب إعمالها ، ولم يجز إلغاؤها.
والثّاني :
أنّها إذا تقدّمت ، دلّ ذلك على قوّة العناية / بها / [٢] ؛ وإلغاؤها يدلّ على اطّراحها ، وقلّة الاهتمام بها ؛
فلذلك ، لم يجز إلغاؤها مع التّقديم ؛ لأنّ الشّيء لا يكون معنيّا به مطّرحا ؛
وأمّا إذا توسطت أو تأخّرت ، فإنّما جاز إلغاؤها ؛ لأنّ هذه الأفعال لمّا كانت
ضعيفة في العمل ، وقد مرّ صدر الكلام على اليقين ، لم يغيّر الكلام عمّا اعتمد
عليه ، وجعلت / في / [٣] تعلّقها بما قبلها بمنزلة الظّرف ، فإذا قال : «زيد
منطلق ظننت» فكأنّه قال : «زيد منطلق في ظنّي» وكما [٤] أنّ قولك : «في ظنّي» لا يعمل في ما قبله ، فكذلك ما
نزل بمنزلته. وأمّا من أعملها إذا تأخّرت [٥] ، فجعلها [٦] متقدّمة في التّقدير ، وإن كانت متأخّرة في اللّفظ
مجازا وتوسّعا ؛ غير أنّ الإعمال مع التّوسّط أحسن من الإعمال مع التّأخّر ، وذلك
؛ لأنّها إذا توسّطت ، كانت متقدّمة من وجه ، / و/ [٧] متأخّرة من وجه ؛ لأنها متأخّرة عن أحد الجزأين ،
متقدّمة على الآخر ، ولا يتمّ أحد الجزأين إلّا بصاحبه ، فكانت متقدّمة من وجه ،
ومتأخّرة من وجه ، فحسن إعمالها ، كما حسن إلغاؤها ؛ وإذا تأخّرت عن الجزأين جميعا
، كانت متأخّرة من كلّ وجه ، فكان إلغاؤها أحسن من إعمالها ؛ لتأخّرها ، وضعف
عملها ؛ فاعرفه تصب ، إن شاء الله تعالى.