نام کتاب : أسرار العربيّة نویسنده : ابن الأنباري جلد : 1 صفحه : 107
فإن قيل : فما
موضع الجار والمجرور في قولهم : «أحسن بزيد»؟ قيل :موضعه الرّفع ؛ لأنّه فاعل «أحسن»
لأنّه لمّا كان فعلا ، والفعل لا بدّ له من فاعل ، جعل الجار والمجرور في موضع رفع
؛ لأنّه فاعل ، قال الله تعالى :(وَكَفى بِاللهِ
وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً)[١] أي : وكفى الله وليا ، وكفى الله نصيرا / والباء زائدة
/ [٢] ؛ فكذلك ـ ههنا ـ الباء زائدة ؛ لأنّ الأصل في : «أحسن بزيد : أحسن زيد»
أي : صار ذا حسن ، ثمّ نقل إلى لفظ الأمر ، وزيدت الباء عليه.
فإن قيل : فلم
زيدت الباء / عليه / [٣]؟ قيل : لوجهين ؛ أحدهما : أنّه لمّا كان لفظ فعل
التّعجّب لفظ الأمر ، فزادوا الباء فرقا بين لفظ الأمر الذي للتّعجّب ، وبين لفظ
الأمر الذي لا يراد به التّعجّب.
والوجه الثّاني
: أنّه لمّا كان معنى الكلام «يا حسن اثبت بزيد» أدخلوا الباء ؛ لأنّ «أثبت»
يتعدّى بحرف الجرّ ؛ فلذلك ، أدخلوا الباء. وقد ذهب بعض النّحويّين إلى أنّ الجارّ
والمجرور في موضع النّصب ؛ لأنّه يقدّر في الفعل ضميرا هو [٤] الفاعل ، كما يقدّر في : «ما أحسن زيدا» وإذا قدّر ـ ههنا
ـ في الفعل ضمير ، هو الفاعل ، وقع الجارّ والمجرور في موضع المفعول ، فكانا في
موضع نصب ، والذي اتّفق عليه أكثر النّحويّين هو الأوّل ، وكان الأوّل هو الأولى [٥] ؛ لأنّ الكلام إذا كان مستقلا بنفسه من غير إضمار ، كان
أولى ممّا يفتقر إلى إضمار ، ثم حمل : «أحسن بزيد» على : «ما أحسن زيدا» في تقدير
الإضمار لا يستقيم ؛ لأنّ «أحسن» إنّما أضمر فيه لتقدّم «ما» عليه ؛ لأنّ «ما»
مبتدأ ، و «أحسن» خبره ، ولا بدّ فيه من ضمير يرجع إلى المبتدأ ، بخلاف : «أحسن
بزيد» فإنّه لم يتقدّمه ما يوجب تقدير الضّمير ، فبان الفرق بينهما ؛ فاعرفه تصب ،
إن شاء الله تعالى.