و السهول العامرة التي تقول الكيانية إنها من بلد أريان في ناحية المشرق إلى السغد. و في ناحية الحري من برية خوارزم إلى مصب بهروذ في البحر من مساكن قبائل الترك و أرمينية المحصنة العظيمة سرّة أريان لا ينحسر ثلجها عن جبالها و لا ماؤها عن أنهارها، و لا تخلو أرضها من الثمار الكثيرة الكريمة و الزروع العميمة، و آذربيجان العامرة الزاهرة ذات العيون الكثيرة في شواهق جبالها و مستوى أرضها.
في كلام له طويل.
و يروى أن رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم) قال: تفتح أمتي أرضا يقال لها خراسان عند نهرها الملعون، أوّله رخاء و آخره بلاء.
و قال عبد اللّه بن مسلم بن قتيبة [1]: أهل خراسان أهل الدعوة و أنصار الدولة، و لم يزالوا في أكثر ملك العجم لقاحا. لا يؤدون اتاوة و لا خراجا. و كانت ملوك العجم قبل ملوك الطوائف تنزل بلخ ثم نزلوا بابل ثم نزل أردشير بن بابك فارس فصارت دار ملكهم، و صارت بخراسان ملوك الهياطلة. و هم الذين قتلوا فيروز بن يزدجرد بن بهرام ملك فارس، و كان غزاهم فكادوه بمكيدة في طريقه حتى سلك معطشة مهلكة، ثم خرجوا إليه فأسروه. فسألهم أن يمنّوا عليه و على من أسر معه من أصحابه و أعطاهم موثقا من اللّه و عهدا مؤكدا أن لا يغزوهم أبدا و لا يجوز حدودهم، و نصب حجرا بينه و بينهم صيّره الحدّ الذي حلف عليه، و أشهد على ذلك اللّه تعالى و من حضره من أهله و خاصيته و أساورته. فمنّوا عليه و أطلقوه و من أراد ممن أسر معه.
فلما عاد إلى مملكته، دخلته الأنفة و الحمية مما أصابه و عاد لغزوهم ناكثا الأيمان غادرا بذمته، و جعل الحجر الذي [155 أ] كان نصبه و جعله الحد الذي حلف أنه لا يجوزه محمولا أمامه في مسيره يتأوّل فيه انه لا يتقدمه و لا يجوزه.
فلما صار إلى بلدهم ناشدوه اللّه و أذكروه به، فأبى إلّا لجاجا و نكث فواقعوه و قتلوه و حماته و كماته و استباحوا عسكره فلم يفلت منهم إلّا الشريد.