و اسمها الأول الزوراء، و الزوراء مدينة أبي جعفر. و الناس يسمونها بغداد، و الخلفاء يسمونها مدينة السلام. و مدينة بغداد بناها أبو جعفر المنصور سنة خمس و أربعين و مائة.
و قال عبيد اللّه بن إسحاق: بنى أبو جعفر بغداد سنة خمس و أربعين و مائة، و ارتفع بناؤها سنة تسع و أربعين.
و قال إبراهيم بن الجنيد: قطن أبو جعفر بغداد سنة تسع و أربعين و مائة.
و كان أسسها قبل [29 أ] ذلك بسنة أو ثنتين. و كانت [1] قديمة فمصرها و أخذ في بناء المدينة، فلما بلغه خروج محمد و إبراهيم ابني عبد اللّه بن الحسن بن الحسن (عليهم السلام)، ترك البناء و عاد إلى الكوفة و حوّل بيوت الأموال و الخزائن إليها.
فلما انقضى أمر محمد و إبراهيم رجع فاستتم بناءها و بنى سورها القديم سنة سبع و أربعين و مائة. و توفي سنة ثمان و خمسين و مائة. و قبل ذلك بنى الرصافة في جانب الشرقي للمهدي. و كانت الرصافة تعرف بعسكر المهدي لأنه عسكر به حين شخص إلى الري. فلما قدم من الري نزل الرصافة، و ذلك في سنة إحدى و خمسين و مائة.
و قد كان المنصور أمر ببناء قصر للمهدي. و هو المعروف بقصر الوضاح في الشرقية. فبني و نسب إلى الوضاح- و الوضاح رجل من أهل الأنبار تولّى النفقة عليه فنسب إليه.
و بنى المنصور مسجدي مدينة السلام، و بنى القنطرة الجديدة على الصراة و ابتاع أرض مدينة السلام من أرباب القرى ببادرويا و قطربل و نهر بوق و نهر بين و أقطعها إلى أهل بيته و قواده و جنده و صحابته و كتّابه، و جعل مجمع الأسواق
[1] من قوله (و كانت قديمة فمصرها) إلى قوله الآتي (فابتنوا الحوانيت و ألزمهم الغلة) تشبه مادته- و أحيانا ألفاظه- ما هو موجود في فتوح البلدان 293. و لا ذكر لإبراهيم بن الجنيد لدى البلاذري.