فلا كوفة أمّي و لا بصرة أبي* * * و لا أنا يثنيني عن الرّحلة الكسل
و قرئ على باب خان طرسوس:
ما من غريب و إن أبدى تجلّده* * * إلّا سيذكر عند الغربة الوطنا
و أسفل منه مكتوب:
أير الحمار و أير البغل في قرن* * * في است الغريب إذا ما حنّ للوطن
و قال بعضهم: غرس المشقّة مع دوام الغربة يحبّبان الدعة، و حسن التعب يصيّر إلى محلّ الراحة. و قال بعضهم: اطلبوا الرزق في البعد فإنكم إن لم تغنموا مالا كثيرا غنمتم عقلا كبيرا و أنشد:
لا يمنعنّك خفض العيش في دعة* * * حنين نفس إلى أهل و أوطان
تلقى بكلّ بلاد إن حللت بها* * * أهلا بأهل و جيرانا بجيران
هذا كما قيل في الأثر: ليس بينك و بين البلدان عداوة، فخير البلاد ما احتملك. و قال بعض المحدثين:
و ما بلد الإنسان غير الموافق* * * و لا أهله الأذنون غير الأصادق
و قال آخر:
و إذا الديار تنكّرت عن حالها* * * فدع الديار و أسرع التحويلا
ليس المقام عليك فرضا لازما* * * في بلدة تدع العزيز ذليلا
و قال آخر:
إذا كنت في أرض تكرّهت أهلها* * * فدعها و فيها إن رجعت معاد
و قالوا: الراحة عقلة. و قال أحمد بن المعافى:
إنّ التّواني أنكح العجز بنته* * * و ساق إليها حين زوّجها مهرا
فراشا و طيّا ثمّ قال لها أتّكي* * * فقصرهما لا شكّ أن يلدا الفقرا