خرج إلينا غلام كأن وجهه شقة قمر، في يده السيف، و عليه قميص و إزار و نعلان قد انقطع شسع أحدهما، ما أنس أنها اليسرى، فقال عمرو بن سعيد بن نفيل الأزدي: و اللّه لأشدن عليه، فقلت له: سبحان اللّه، و ما تريد إلى ذلك، يكفيك قتله هؤلاء الذين تراهم قد احتوشوه من كل جانب، قال: و اللّه لأشدنّ عليه، فما ولّى وجهه حتى ضرب رأس الغلام بالسيف، فوقع الغلام لوجهه، و صاح: يا عمّاه.
قال: فو اللّه لتجلّى الحسين كما يتجلى الصقر، ثم شدّ شدّة الليث إذا غضب، فضرب عمرا بالسيف فاتقاه بساعده فأطنها [2] من لدن المرفق، ثم تنحى عنه، و حملت خيل عمر بن سعد فاستنقذوه من الحسين، و لماحملت الخيل استقبلته بصدورها، و جالت، فتوطأته، فلم يرم حتى مات-لعنه اللّه و أخزاه- فلمّا تجلّت الغبرة إذا بالحسين على رأس الغلام و هو يفحص برجليه، و حسين يقول: بعدا لقوم قتلوك، خصمهم فيك يوم القيامة رسول اللّه (ص) ثم قال:
عز على عمّك أن تدعوه فلا يجيبك، أو يجيبك ثم لا تنفعك إجابته يوم كثر واتره، و قلّ ناصره، ثم احتمله على صدره، و كأني أنظر إلى رجلي الغلام تخطان في الأرض، حتى ألقاه مع ابنه علي بن الحسين، فسألت عن الغلام، فقالوا:
هو القاسم بن الحسن، بن علي بن أبي طالب [3] صلوات اللّه عليهم أجمعين.
(و عبد اللّه بن الحسن بن علي بن أبي طالب) و أمه بنت السليل بن عبد اللّه أخي جرير بن عبد اللّه البجلي. وقيل: إن أمه أمّ ولد. و كان أبو جعفر محمد بن علي-فيما رويناه عنه-يذكر أن حرملة بن كاهل الأسدي قتله.
و ذكر المدائني في إسناده عن جناب بن موسى، عن حمزة بن بيض، عن هانئ بن ثبيت القابضي أن رجلا منهم قتله [4] .