فانطلق وجهه و سرّ، فقال له يحيى: يا أمير المؤمنين، قد غضضت من الفضل بلعنك إيّاه فشرّفه بإزالة ذلك، فأقبل [1] على الناس فقال: إن الفضل قد عصاني في شيء فلعنته، و قد تاب و أناب إلى طاعتي فتولوه.
فقالوا: نحن أولياء من واليت، و أعداء من عاديت، و قد توليناه.
ثم خرج يحيى بن خالد بنفسه على البريد حتى وافى بغداد، فماج الناس و أرجفوا بكل شيء، و أظهر أنّه ورد لتعديل السواد، و النظر في أعمال العمال، و تشاغل ببعض ذلك.
ثم دخل و دعا بالسندي و أمره فيه بأمره فلفه على بساط، و قعد الفراشون النصارى على وجهه.
و أمر السنديّ عند وفاته أن يحضر مولى له ينزل عند دار العباس بن محمد في مشرعة القصب ليغسله، ففعل ذلك.
قال: و سألته أن يأذن لي في أن أكفنه فأبى و قال: إنا أهل بيت مهور نسائنا، و حجّ صرورتنا [2] ، و أكفان موتانا من طاهر أموالنا، و عندي كفني.
فلما مات أدخل عليه الفقهاء و وجوه أهل بغداد و فيهم الهيثم بن عدي و غيره، فنظروا إليه لا أثر به، و شهدوا على ذلك، و أخرج فوضع على الجسر ببغداد، فنودي هذا موسى بن جعفر قد مات، فانظروا إليه، فجعل الناس يتفرسون في وجهه و هو ميت.
و حدثني رجل من أصحابنا عن بعض الطالبيين:
أنه نودي عليه: هذا موسى بن جعفر الذي تزعّم الرافضة أنه لا يموت، فانظروا إليه، فنظروا [3] .
[1] في ط و ق «بإزالة ذلك فأقبل على الناس فقال: إنه قد بلغني عن الفضل أمر أنكرته و كان فيه فساد ملكي، ثم تبينت بعد ذلك و قد رجعت له و توليته فأقيل على الناس إلخ» .