و من بين يديه رجل آخر من الأسرى واقف، فقال أنا مولاك يا أمير المؤمنين.
فقال: مولاي يخرج عليّ، و مع موسى سكين، فقال: و اللّه لأقطعنك بهذه السكين مفصلا مفصلا.
قال: و غلبت عليهالعلة فمكث ساعة طويلة ثم مات، و سلم الرجل من القتل فأخرج من بين يديه.
فحدثني أحمد بن عبيد اللّه بن عمّار، قال: قال أحمد بن الحارث [1] ، عن عمر بن خلف الباهلي، عن بعض الطالبيين، قال:
لما قتل أصحاب فخ جلس موسى بن عيسى بالمدينة، و أمر الناس بالوقيعة [2] على آل أبي طالب، فجعل الناس يوقعون عليهم حتى لم يبق أحد، فقال بقي أحد.
قيل له: موسى بن عبد اللّه. و أقبل موسى بن عبد اللّه على أثر ذلك، و عليه مدرعة و إزار غليظ، و في رجليه نعلان من جلود الإبل، و هو أشعث أغبر حتى قعد مع الناس و لم يسلم عليه، و إلى جنبه السري بن عبد اللّه من ولد الحرث بن العباس بن عبد المطلب، فقال لموسى بن عيسى: دعني أكشف عليه باله، و أعرفه نفسه.
قال: أخافه عليك. قال: دعني، فأذن له فقال له: يا موسى.
قال: أسمعت فقل.
قال: كيف رأيت مصارع البغي الذي لا تدعونه لبني عمكم المنعمين عليكم.
فقال موسى أقول في ذلك:
بني عمّنا ردوا فضول دمائنا # ينم ليلكم أو لا يلمنا اللّوائم [3]
فإنا و إيّاكم و ما كان بيننا # كذي الدين يقضي دينه و هو راغم
فقال السري: و اللّه ما يزيدكم البغي إلاّ ذلّة، و لو كنتم مثل بني عمكم سلمتم-يعني موسى بن جعفر-و كنتم مثله، فقد عرف حق بني عمّه و فضّلهم عليه، فهو لا يطلب ما ليس له.
[1] في ط و ق «ابن الحارث الحوار و حدثني محمد بن الأزهر، عن عمر» .