فشخص هشام إلى السند، فقتله و بعث برأسه إلى أبي جعفر [1] .
قال عيسى: فرأيت رأسه قد بعث به أبو جعفر إلى المدينة، و عليها الحسن بن زيد، فجعلت الخطباء تخطب، و تذكر المنصور، و تثنى عليه، و الحسن بن زيد على المنبر، و رأس الأشتر بين يديه، و كان في خطبة شبيب بن شيبة يا أهل المدينة: ما مثلكم و مثل أمير المؤمنين إلاّ كما قال الفرزدق [2] :
ما ضرّ تغلب وائل أ هجوتها # أم بلت [3] حيث تناطح البحران
فتكلم الحسن بن زيد فحض على الطاعة، و قال: ما زال اللّه يكفي أمير المؤمنين من بغاه، و ناوأه و عاداه، و عدل عن طاعته، و ابتغى سبيلا غير سبيله.
[1] في الطبري «فلما قتل محمد و إبراهيم انتهى خبر عبد اللّه الأشتر إلى المنصور فبلغ ذلك منه... و كتب إلى عمر بن حفص بولايته على إفريقية، و ولى على السند هشام بن عمرو التغلبي، و أمره أن يكاتب ذلك الملك، فإن أطاعه و سلم إليه عبد اللّه بن محمد و إلاّ حاربه، و لما صار هشام إلى السند كره أخذ عبد اللّه، و أقبل يرى الناس أنه يكاتب الملك و يرفق به، فاتصلت الأخبار بأبي جعفر بذلك، فجعل يكتب إليه يستحثه، فبينا هو كذلك إذ خرجت خارجة ببعض بلاد السند، فوجه إليهم أخاه سفنجا، فخرج يجر الجيش و طريقه بجنبات ذلك الملك، فبينا هو يسير إذا هو برهج قد ارتفع من موكب، فظن أنه مقدمة للعدو الذي يقصده، فوجه طلائعه، فرجعت فقالت:
ليس هذا عدوك الذي تريد، و لكن هذا عبد اللّه بن محمد الأشتر العلوي ركب متنزها يسير على شاطئ مهران، فمضى يريده، فقال له نصاحة: هذا ابن رسول اللّه، و قد علمت أن أخاك تركه متعمدا مخافة أن يبوء بدمه، و لم يقصدك، و إنما خرج متنزها، و خرجت تريد غيره، فأعرض عنه فقال: ما كنت لأدع أحدا يحوزه و لا أدع أحدا يحظى بالتقرب إلى المنصور بأخذه و قتله، و كان في عشرة فقصد قصده، و ذمر أصحابه فحمل عليه فقاتله عبد اللّه، و قاتل أصحابه بين يديه حتى قتل و قتلوا جميعا، فلم يفلت منهم مخبر، و سقط بين القتلى فلم يشعر به، و قيل إن أصحابه قذفوه في مهران لما قتل لئلا يؤخذ رأسه، فكتب هشام ابن عمرو بذلك كتاب فتح إلى المنصور يخبره أنه قصده قصدا، فكتب إليه المنصور يحمد أمره، و يأمره بمحاربة الملك الذي آواه، و ذلك أن عبد اللّه كان اتخذ جواري و هو بحضرة ذلك الملك، فأولد منهن واحدة محمد بن عبد اللّه، و هو أبو الحسن محمد العلوي الذي يقال له: ابن الأشتر، فحاربه حتى ظفر به و قتله، و وجه بأم ولد عبد اللّه و ابنه إلى المنصور، فكتب المنصور إلى واليه بالمدينة يخبره بصحة نسب الغلام، و بعث به إليه، و أمره أن يجمع آل أبي طالب، و أن يقرأ عليهم كتابه بصحة نسب الغلام و يسلمه إلى أقربائه» .
[2] كذا في ط و ق، و في الخطية «كما قال الأخطل» و لم أجده في ديوانه، و وجدته في ديوان الفرزدق ص 882.