و اختلف في أمره بعد محبسه. فقال بعض أهل السير: إنه لم يزل محبوسا حتى كتب إلى أبي مسلم رسالته المشهورة التي أولها:
من الأسير في يديه المحبوس بلا جرم لديه [1] ، و هي طويلة لا معنى لذكرها ها هنا. فلما كتب إليه بذلك أمر بقتله [2] .
و قال آخرون: بل دس إليه سما فمات منه، و وجه برأسه إلى ابن ضبارة، فحمله إلى مروان.
و قال آخرون: سلمه حيا إلى ابن ضبارة فقتله، و حمل رأسه إلى مروان.
أخبرني عمر بن عبد اللّه العتكي، قال: حدثنا عمر بن شبه قال: حدثنا محمد بن يحيى: أن عمر بن عبد العزيز بن عمران حدثه عن محمد بن عبد العزيز [3] ، عن عبد اللّه بن الربيع، عن سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة:
أنه حضر مروان يوم الزّاب، و هو يقاتل عبد اللّه بن علي[فسأل عنه] [4]
فقيل: هو الشاب المصفّر الذي كان يسب عبد اللّه بن معاوية يوم جيء برأسه إليك. فقال: و اللّه لقد هممت بقتله مرارا، -كل ذلك يحال بيني و بينه، و كان أمر اللّه قدرا مقدورا، و اللّه [5] لوددت أن علي بن أبي طالب يقاتلني مكانه، فقلت: أتقول مثل هذا لعلي في موضعه و محله؟قال: لم أرد الموضع و المحل،
[1] في الأغاني «رسالته المشهورة التي يقول فيها: إلى أبي مسلم من الأسير في يديه، بلا ذنب و لا خلاف عليه. أما بعد، فإنك مستودع ودائع، و مولى صنائع، و إن الودائع رعية، و إن الصنائع عارية، فاذكر القصاص، و اطلب الخلاص، و نبّه للفكر قلبك، و اتق اللّه ربك، و آثر ما يلقاك غدا على ما لا يلقاك أبدا، فإنك لاق ما أسلفت، و غير لاق ما خلفت، وفقك اللّه لما ينجيك، و آتاك شكر ما يبليك» .
قال: فلما قرأ كتابه رمى به ثم قال: قد أفسد علينا أصحابنا و أهل طاعتنا و هو محبوس في أيدينا، فلو خرج و ملك أمرنا لأهلكنا. ثم أمضى تدبيره في قتله» .
[2] راجع البيان و التبيين 2/67-68، و في ابن الأثير 5/151 «فأمر من وضع فرشا على وجهه، فمات و أخرج فصلى عليه و دفنه و قبره بهراة معروف يزار» .
[3] في الأغاني «أن عبد العزيز بن عمران حدثه عن عبد اللّه بن الربيع» .