نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 205
أطيب ريحها و طعمها، فأكل فبدت لهما سوءاتهما، فدخل آدم في جوف الشجرة، فناداه ربّه: يا آدم أين أنت؟ قال: أنا هذا يا ربّ، قال: يا حواء، أنت غررت عبدي، فلا تحملين حملا إلا حملته كرها، فإذا أردت أن تضعي ما في بطنك أشرفت على الموت مرارا. و قال للحية: أنت الّذي دخل الملعون في جوفك حتى غرّ عبدي، ملعونة أنت لعنة تتحول قوائمك في بطنك، و لا يكن لك رزق إلا التراب، أنت عدوّة بني آدم و هم أعداؤك، حيث لقيت منهم أحدا أخذت تسميه [1]، و حيث لقيك شدخ رأسك [2].
و روى محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم: ان آدم لما رأى نعم الجنة قال:
لو أن خالدا، فاغتنمها إبليس فأتاه من قبل الخلد [3].
قال ابن إسحاق: و حديث ان أول ما ابتدأهما به من كيده أنه ناح عليهما نياحة أحزنتهما حين سمعاها، فقالا له: ما يبكيك؟ قال: أبكي عليكما، إنكما تموتان فتفارقان ما أنتما فيه من النعمة و الغبط [4]، فوقع ذلك في أنفسهما، ثم أتاهما فوسوس إليهما، و قال: يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد [5].
و قال ابن زيد [6]: وسوس الشيطان إلى حواء في الشجرة حتى أتى بها إليها، ثم حسنها في نفسه [7]، قال: فدعاها آدم لحاجته، فقالت: لا، إلّا أن تأتي هذا، قال: ما آتي؟ قالت: تأكل من هذه الشجرة، فأكلا منها، فبدت سوءاتهما، و ذهب آدم هاربا إلى الجنة، فناداه ربّه يا آدم أ مني تفرّ؟ قال: لا يا رب، و لكن حياء منك، و قال: يا آدم أنّى أتيت؟ قال: من قبل هذا أي رب، قال: فقال اللَّه: إن لها عليّ أن أدميها في كل شهر
[2] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 108، و تفسيره 1/ 525.
[3] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 110، و في تفسيره 1/ 528، و قد ورد في المخطوطة كما أوردناه مضطربا، و في الطبري: «أن آدم عليه السلام حين دخل الجنة و رأى ما فيها من الكرامة، و ما أعطاه اللَّه منها، قال:
لو أنّا خلدنا! فاغتمز فيها منه الشيطان لما سمعها منه، فأتاه من قبل الخلد».