نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 118
فقد اجتمع في كتابنا هذا ذكر الأنبياء، و السلاطين، و الأحداث و المحدثين/ و الفقهاء و المحدثين، و الزهاد، و المتعبدين، و الشعراء، و المتأدبين، و في الجملة جميع المتميزين من أهل الخير و الشر أجمعين، فيحصل بما يذكره مراد المسامر و المحدث، و مقصود الناقل المحدث، فكان هذا الكتاب مرآة يرى فيها العالم كله و الحوادث بأسرها إلا أن يكون من لا وقع له فليس لذلك ذكر أو حادثة لا يغنى تحتها و لا وجه لذكرها، و قد انتقى كتابنا نقي التواريخ كلها، و أغنى من يعنى بالمهم منها عنها، و جمع محاسن الأحاديث و الأخبار اللائقة بالتواريخ، و انتخب أحسن الأشعار عند ذكر قائلها، و سلم من فضول الحشو و مرذول الحديث، و من لم يدخل فيه ما يصلح حذفه.
و قد كنت عزمت على مد النفس فيه بزيادة الأسانيد، و جمع و شرح أخبار الشخص كلها ثم رأيت أن تخير الاوساط خير من الانبساط، فأخذت في كف الكف عن التطويل، و حذف أكثر الأسانيد لئلا يوجب الطول بحر الكتاب، على أنه كثير بالإضافة إلى قلة الهمم، و اللَّه تعالى ملهم الإصابة، و مسعف الإجابة بمنه.
قد ثبت عند العقول السليمة أن العالم كله حادث، و كل حادث فلحدوثه سبب، و الدليل على أن العالم حادث أن العالم كل موجود سوى اللَّه عز و جل و الموجود إذا كان متحيزا غير مؤتلف سمي جوهرا فردا فإن ائتلف إلى غيره سمي جسما. و العرض ما قام بغيره: كاللون، و الطعم، و هذه الموجودات لا تخلو من الحوادث، كالحركة و السكون، و كل ما يخلو من الحوادث حادث.
و معنى قولنا «حادث» أنه وجد بعد عدمه، فلا يخلو وجوده قبل أن يكون محالا أو ممكنا، و لا يجوز أن يكون محالا، لأن المحال لا يوجد أبدا.
فثبت أنه ممكن، و الممكن ما يجوز أن يوجد و يجوز أن لا يوجد، فلا بد
[1] راجع: كنز الدرر للدواداري 14، و مرأة الزمان لسبط ابن الجوزي 1/ 45.
نام کتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 118