وشبهه في ذلك اليوم
في صحيفة ، وتطوى وتودع في خزائن الملك فعلى ذلك جرت أمورهم.
وكان الملك إذا حزبه [١]
أمر بجمعهم بخارج مصر ، ويصطف لهم الناس بخارج المدينة ثم يقدمون ركبانا ، يتقدم
بعضهم بعضا ، ويضرب بين أيديهم بطبل الاجتماع ، فيدخل كل واحد منهم بأعجوبة ، فمنهم
من يعلو وجهه نور مثل نور الشمس فلا يقدر أحدهم النظر إليه ، ومنهم من يكون على
يديه جوهر أخضر وأحمر على ثوب من ذهب منسوج ، ومنهم من يكون راكبا على أسد متوشحا
بحيات عظام ومنهم من تكون عليه قبة من نور أو جوهر في صنوف من العجائب الكثيرة ، إلا
أن كل واحد إنما يصنع ما يدل عليه كوكبه الذي يعبده ، فإذا دخلوا على الملك قالوا
أرادنا الملك الامر كذا ، وأضمر الملك كذا ، والصواب فيه كذا.
* * *
وكان بمصر القديمة واسمها أمسوس ملك
كاهن يقال له عيقام من ولد عرباق [٢]
ابن آدم فتحكي أهل مصر عنه حكايات كثيرة تخرج عن العقل.
وكان قبل الطوفان وقد رأي في علمه كون
الطوفان ، فأمر الشياطين الذين تطيعه أن يبنوا له مكانا خلف خط الاستواء ، بحيث لا
يلحقه شئ من الآفات ، فبنوا له القصر الذي [على] سفح جبل القمر ، وهو قصر النحاس
الذي فيه التماثيل من النحاس ، وهي خمسة وثمانون تمثالا ، يخرج ماء النيل من
حلوقها ، وينصب إلى بطحاء مصر.
فلما عمل له ذلك القصر أحب أن يراه قبل
أن يسكنه ، فجلس في قبة ،
[١] في ب : إذا أحزبه
، وفي ت : إذا جربه ، والصواب ما ذكرناه.