رفع اليد عن الحجّة بلا حجّة ، وعن الظهور الثابت بمجرّد الاحتمال ، لا الاستصحاب العقلائي ; إذ هو ممّا لا أصل له ، كما سيوافيك إن شاء الله في محلّه ، وأنّ عملهم عليه في بعض الموارد لاطمئنانهم بالبقاء وعدم اعتدادهم باحتمال الخلاف لضعفه ، وهو غير مسألة الاستصحاب . وأ مّا عدم حجّيته في القسم الثاني ـ ولو مع العلم بتأريخ الاستعمال ـ فلعدم ثبوت ذلك منهم ، لو لم نقل بثبوت عدم تعويلهم عليه .
والعجب من شيخنا العلاّمة ; حيث ذهب إلى الاحتجاج بالقسم الأخير ; قائلا بأنّ الحجّة لا يرفع اليد عنها إلاّ بحجّة مثلها ، وأنّ الوضع السابق حجّة ، فلا يتجاوز عنه إلاّ بعد العلم بالوضع الثاني[ 1 ] .
وأنت خبير : بأنّ المتّبع لديهم والحجّة هو الظهور لا الوضع بنفسه ، والعلم بتعاقب الوضعين ، مع الشكّ في تقدّم الثاني منهما على الاستعمال وتأخّـره عنه يمنع عن انعقاده ، كما هو ظاهر . أضف إلى ذلك : أ نّـه لا معنى للفرق بين الأقسام بعد كون الوضع الأوّل هو المتّبع مع عدم العلم بنقض الوضع الثاني للوضع الأوّل حال الاستعمال .
ثمّ إنّه قد يتراءى من بعض المحقّقين تفصيل أعجب ; فإنّه حكم بجريان الأصل المزبور إذا علم تأريخ الاستعمال وجهل تأريخ النقل ، وأثبت به استعمال اللفظ في المعنى الأوّل ; لحجّيـة مثبتاتـه ، وحكم بلزوم التوقّف فيما علم تـأريخ النقل وجهل تأريـخ الاستعمال ; قائلا بأنّ العقلاء ليس لهم بناء عملي على عـدم الاستعمال .