وليعلم : أنّ تقسيم الواجب إلى التعييني والتخييري ـ كتقسيمه إلى النفسي والغيري ـ إنّما هو بلحاظ البعث المنتزع منه الوجوب ، فحديث الأغراض والمصالح الواقعية ومحصّل الأغراض ولزوم صدور الواحد عن الكثير أجنبي عن المقام .
كما أنّ تقسيمه إلى النفسي والغيري لا ينافي كون الواجب لمصالح واقعية ـ كما تقدّم ـ فكذلك كون الجامع فرضاً مؤثّراً في تحصيل الغرض الواحد لا ينافي تقسيمه إلى التعييني والتخييري ، فتدبّر .
تنبيه : في التخيير بين الأقلّ والأكثر
هل يمكن التخيير بين الأقلّ والأكثر ؟ محطّ البحث والإشكال إنّما هو الأقلّ الذي اُخذ لا بشرط ، وأ مّا المأخوذ بشرط لا فهو من قبيل المتباينين ، ولا إشكال في جوازه فيه . ثمّ إنّه ربّما يقال : بامتناعه مطلقاً ; تدريجياً كان أو دفعياً :
أ مّا الأوّل : فلأنّ بقاء الوجوب بعد إتيان الأقلّ يستلزم إمّا عدم كونه مصداقاً مسقطاً للطلب ، أو جواز تحصيل الحاصل .
وأ مّا الثاني : فلأنّ الزائد يجوز تركه لا إلى بدل ، وهو ينافي الوجوب . وإن شئت قلت : إنّ الزائد يكون من قبيل إلزام ما لا يلزم والإيجاب بلا ملاك .
أقول : إنّ الأقلّ والأكثر ـ سواء كانا تدريجيين أم دفعيين ـ قد يكون كلّ منهما محصّلاً لغرض واحد ، وقد يكون كلّ محصّلاً لغرض غير الآخر ، وعلى التقدير الثاني : فإمّا أن يكون بين الغرضين مزاحمة بحسب الوجود أو لا .
لا إشكال في امتناع التخيير بينهما في التدريجيات ; لأنّ الأقلّ يتحقّق دائماً قبل الأكثر ، فيستند إليه الأثر ، فيسقط الوجوب بوجوده ، ولا معنى لإيجاب الأكثر .
وأ مّا ما أفاده بعض السادة من الأكابر ـ أدام الله أظلاله على رؤوس