لا إشكال في وقوع ما بظاهره الواجب التخييري في الشرع والعرف ، إنّما الكلام في إمكانه ثبوتاً حتّى يؤخذ بظاهر الأدلّة ، أو عدم إمكانه حتّى يترك ظاهرها ، ويوجّه بنحو توجيه ، كالالتزام بتعلّقه بالجامع على سبيل التعيين ، والتخيير عقلي ، أو تعلّقه بالجامع الانتزاعي ، أو غيرهما .
ثمّ إنّ ما يمكن أن يقال في وجه الامتناع : هو أنّ الإرادة التكوينية لا يمكن أن يتعلّق بشيء مردّد واقعي ، وكذلك التشريعية .
والسرّ فيه : أنّ الوجود ـ أيّ وجود كان ـ مساوق للتشخص والتعيّن الواقعي ، والتردّد النفس الأمري مضادّ للموجودية ، فلا يمكن أن يكون الوجود متردّداً واقعاً بين الشيئين ; ترديداً واقعياً ; سواء كان الوجود خارجياً أو ذهنياً .
ولا إشكال في أنّ الإرادة ـ سواء كانت تكوينية أو تشريعية ـ من الأوصاف الحقيقية ذات الإضافة ، ولا يمكن تحقّقها بلا إضافة إلى شيء ، فلابدّ في تحقّقها من مضاف إليه موجود . فلا يعقل أن يكون الإرادة بحسب نفس الأمر مردّدة المتعلّق ولا متعلّقها كذلك ; للزوم أن يكون الموجود متردّداً واقعاً ، وهو يرجع إلى التردّد فيما هو في ذاته متعيّن ومتشخّص .