الفصل الثامن إذا نسخ الوجوب هل يبقى الجواز أم لا ؟
والكلام يقع في مواضع :
الأوّل : في إمكان بقائه ، وقد يدّعى إمكانه عقلاً ; بدعوى أنّ الوجوب وإن كان بسيطاً إلاّ أ نّه يتضمّن مراتب عديدة ; وهي أصل الجواز والرجحان والإلزام ، فيمكن أن يرتفع بعض المراتب ويبقى الآخر .
وبما أنّ الوجوب حقيقة ذات تشكيك فلا حاجة في إثبات مرتبة بعد ارتفاع الاُخرى إلى دليل على ضمّ الفصل ; فإنّه بعد ذهاب مرتبة منه يتّحد قهراً مع الاُخرى ، نظير الحمرة الشديدة التي تزول منها مرتبة فتبقى مرتبة اُخرى[ 1 ] ، انتهى .
وفيه أ مّا أوّلاً : فلأنّ الوجوب إنّما ينتزع عند العقلاء من البعث الناشئ من الإرادة الحتمية ، وهو بما أ نّه أمر انتزاعي لا معنى لبقاء جوازه بعد ارتفاع نفس الوجوب ، وكون الشيء ذا مراتب ومقولاً بالتشكيك إنّما هو في الحقائق الخارجية