ولكن الكلام إنّما هو في أنّ هيئة البعث هل وضعت لطلب الإيجاد والوجود ، أو أ نّها وضعت لنفس البعث إلى الطبيعة ؟ إلاّ أنّ البعث إليها لمّا كان ممّا لا محصّل له قدّر فيه الوجود أو الإيجاد ، أو أنّ البعث إليها يلزمه عرفاً تحصيلها وإيجادها ، من دون تشبّث بإدخال الوجود فيه بنحو الوضع له ، أو تقديره في المستعمل فيه ، وجوه : أقواها الأخير .
والسرّ فيه : هو أنّ العرف لمّا أدرك أنّ الطبيعة لا يمكن نيلها وتحصيلها بنفسها ; عارية عن لباس الوجود يتوجّه من ذلك إلى أنّ البعث إليها بعث إلى إيجادها حقيقة .
وإن شئت قلت : إنّ الطبيعة لا تكون طبيعة حقيقة بالحمل الشائع إلاّ بإيجادها خارجاً ; لأنّ الطبيعة بما هي هي ليست بشيء وفي الوجود الذهني ليست نفس الطبيعي بما هي هي . وحينئذ ينتقل بارتكازه إلى أنّ إطاعة التحريك والبعث نحوها لا تحصل إلاّ بإيجادها خارجاً ، هذا كلّه ثبوتاً .
وأ مّا في مقام الإثبات : فلما قدّمنا من تعيين مفاد الأمر هيئة ومادّة ، وأنّ الثانية موضوعة لنفس الطبيعة والاُولى موضوعة للبعث إليها بحكم التبادر .
ويشهد بذلك : أ نّه لا يفهم من مثل «أوجد الصلاة» إيجاد وجود الصلاة ، بل يفهم منه البعث إلى الإيجاد ، فتدبّر .
هل يتعلّق الأمر بنفس الماهية أو بما هي ملحوظة مرآة للخارج باللحاظ التصوّري وإن كان اللاحظ يقطع بخلافه بالنظر التصديقي ؟
قد يقال : إنّ محطّ البحث في تعلّق الأمر بالطبيعة هي الطبيعة على النحو