ومنها : مـا نسب إلى بعض الفحول مـن كـون معناها جـزئياً إضافيـاً ، وهـو لمّـا وقف على المثال المعروف «سـر مـن البصرة إلى الكوفـة» توهّم كلّيـة المستعمل فيه[ 1 ] .
ومنها : أنّ الكلّية أو الجزئية تابعة لكلّية الطرفين أو جزئيتهما[ 2 ] .
ويقرب من ذينك القولين ما رجّحه بعضهم من أ نّها موضوعة للأخصّ من المعنى الملحوظ ; قائلا بأنّ القول بوضعها للجزئي الحقيقي الخارجي أو الذهني من قبيل لزوم ما لايلزم[ 3 ] .
هذا ، ولكن القول بإيجادية بعض الحروف بنفس الاستعمال ، وعدم استقلال الحروف في المفهومية والمعقولية والوجود مطلقاً يثبت ماهو المختار ; من كون الوضع مطلقاً عامّاً والموضوع له خاصّاً .
أ مّا في الإيجادية منها ، كحروف النداء والتوكيد فواضح جدّاً بعد ما عرفت من أ نّها وضعت لإيجاد معانيها من النداء وشبهه بالحمل الشائع ، من غير فرق بين أن يكون المنادي واحداً أو كثيراً .
فإنّك إذا قلت : «يا زيد» أو قلت : «يا أيّها الناس» فالنداء واحد شخصي ينادي به مسمّى ما يليه ، ولم توضع للحكاية عن معان مستقرّة في مواطنها ، مع قطع النظر عن الاستعمال ; لعدم واقعية لها مع قطع النظر عنه ، فهي آلات لإيجاد المعاني بنفس الاستعمال . والوجود ـ حتّى الإيقاعي منه ـ يساوق بوجه الوحدة التي هي عين جزئية المستعمل فيه وخصوصية الموضوع له .