هذا غاية توضيح وتوجيه لما حكي عن المحقّق الكركي[ 1 ] ، وهو بكلامه هذا وإن لم يكن بصدد الجواب عن مقالة البهائي ; لتقدّم عصر المحقّق(قدس سره) عليه ، إلاّ أنّ عبارته المحكية ممّا يمكن أن يستفاد منه ما يصلح جواباً لمقالته .
ولك أن تقول : إنّ ملاك استحالة الأمر بالضدّين موجود مع تضيّق الوقت أو انحصار الفرد أو كون الأفراد طولية ، كما إذا كان وقت الصلاة وسيعاً ; فإنّ معنى تعلّق الأمر بالطبيعة هو البعث إلى إيجادها . فمع كون الوقت مضيّقاً إن كان البعث إلى إيجاد الطبيعة فعلياً وإلى ضدّه كذلك لزم منه التكليف بالمحال ; فإنّ إيجاد الطبيعة وضدّ مصداقها ممّا لايمكن في الوقت المضيّق .
وكـذا الحال مـع انحصار المصداق ، بل مـع كون الأفراد طوليـة ، فإنّ فعلية الأمـر بالطبيعـة في وقت يكون الفرد فيه مبتلى بالضدّ الـواجب الفعلي ممّا لا يمكن تحقّقه ، وصرف كون الأمر متعلّقاً بالطبيعة وعدم التنافي بينها وبين الواجب المضيّق لايدفع الاستحالة ، بعد كون لازمه التكليف بالمحال ، إلاّ أن يصار إلى ماسنحقّقه إن شاء الله .
الثالث : ما حقّقناه في هذا الباب وبنينا عليه واستفدنا منه في أبواب اُخر ، سيوافيك ـ بإذن الله ـ وملخّصه : هو تصوير الأمر بالأهمّ والمهمّ في عرض واحد ، بلا تقييد واحد منهما بالعصيان ، كما عليه القوم في تصوير الأمر بالمهمّ ; حيث
[1] اُنظر فوائد الاُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي 1 : 312 ـ 313 ، جامع المقاصد 5 : 13 ـ 14 .