والحاصل : أنّ الحروف ـ كافّة ـ تحضر معانيها في الذهن ، وتخطر معانيها بالبال ; سواء قلنا بأ نّها موجدة للنسبة الكلامية ـ كما ذكره ـ أم قلنا بأ نّها توجد معانيها في الخارج ـ كما اخترناه في عدّة من الحروف ـ أو قلنا بأ نّها تحكي عن معانيها الخارجية ـ كما ذكرناه في بعضها ـ فتدبّر جيّداً .
مقالة المحقّق العراقي في المقام
ثمّ إنّ بعض المحقّقين من المشايخ[ 1 ] ـ بعد تسليم إيجادية بعض الحروف ـ أنكر كون الفرد الموجود به معناه الموضوع له ، واستدلّ عليه بوجوه :
أحدها : أنّ معنى اللفظ ومدلوله بالذات هو ما يحضر في الذهن عند سماع اللفظ الموضوع له ، ولاريب أنّ الموجود الخارجي لايمكن حضوره في الذهن ، فالخارج هو المدلول عليه بالعرض ; من جهة فناء المدلول عليه بالذات فيه .
وفيه أوّلا : أ نّه منقوض بالأعلام الشخصية على مبنى المشهور ، وقد اعترف هو(قدس سره) ونحن بإمكانه ، وإن ناقشنا في وقوعه[ 2 ] .
وثانياً : أنّ الغاية من وضع الألفاظ واستعمالها هي الإفادة والاستفادة بإحضار المعاني في الذهن ، من غير فرق بين أن يكون حضورها بالعرض أو بالذات ، والقائل بوضع بعض الألفاظ للموجود في الخارج ينكر كون الموضوع له هو المعلوم بالذات ، بل يعترف بأ نّه المعلوم بالعرض .
وثالثاً : أنّ الموضوع له في أغلب الأوضاع أو جميعها غير ما يحضر في
[1] بدائع الأفكار (تقريرات المحقّق العراقي) الآملي 1 : 46 ـ 47 . [2] تقدّم في الصفحة 31 .