الثاني : في إمكان أخذ قصد امتثال الأمر ونحوه في متعلّق الأمر
كون الشيء قربياً إنّما هو لأجل اعتبار الإتيان به مع أحد الدواعي القربية ، ولكن وقع البحث بين الأعلام في جواز أخذه في المتعلّق وعدمه إذا اُريد به اعتبار قصد امتثال الأمر وإطاعته ، دون غيره من سائر الدواعي القربية ; وإن كان بعض الإشكالات مشتركاً بين الجميع ، وسيأتي توضيحه .
وقد تضاربت الآراء في إمكان أخذ قصد الأمر في متعلّق البعث وعدمه ; فمن قائل بامتناع أخذه فيه امتناعاً ذاتياً ; أي نفس التكليف محال ، ومن قائل بامتناع أخذه امتناعاً بالغير ; لكونه تكليفاً بغير المقدور ، ومن ثالث قال بالجواز ; وهو المختار ، ويظهر وجهه بعد دفع ما توهّم من الإشكالات التي اُورد على المختار :
فيما استدلّ به للقائلين بامتناع الأخذ ذاتاً
أ مّا الأوّل ـ أعني القول بالامتناع الذاتي ـ : فقد قرّر بوجوه :
منها : أ نّه يستلزم تقدّم الشيء على نفسه ; لأنّ الأحكام أعراض للمتعلّقات ، وكلّ عرض متأخّر عن معروضه ، وقصد الأمر والامتثال متأخّر عن الأمر برتبة ، فأخذه في المتعلّقات ، موجب لتقدّم الشيء على نفسه برتبتين[ 1 ] .
ومنها : أنّ الأمر يتوقّف على الموضوع ، والموضوع يتوقّف على الأمر ; لكون قصده متوقّفاً عليه ، فيلزم الدور[ 2 ] .
[1] اُنظر درر الفوائد ، المحقّق الحائري : 94 . [2] نفس المصدر .