هو ان ملاحظة محيط التشريع و ورود الدليلين
فى طريق التقنين , توجب الاطمينان بكونهما من هذا القبيل , خصوصا تكرر تقييد
المطلقات من الشارع , نعم الامر فى المستحبات على العكس , فان الغالب فيها كون
المطلوب متعددا و ذا مراتب .
و هناك وجه آخر , و هو ان احراز عدم دخالة
قيد آخر غير هذا القيد , عين احراز الوحدة عقلا لامتناع تعلق الارادتين على المطلق
و المقيد , لان المقيد هو نفس الطبيعة مع قيد , عينية اللابشرط مع بشرط شى ,
فاجتماع الحكمين المتماثلين فيهما ممتنع فيقع التنافى بينهما فيحمل المطلق على
المقيد و لا ينفى ذلك ما مر من ان ميزان الجمع بين الادلة هو العرف لان احراز وحدة
الحكم انما هو بالعقل لا الجمع بين الدليلين و الفرق بينهما ظاهر .
و اما على الثانى اى ما لم نحرز عدم دخالة
قيد آخر , فيدور الامر بين حمل المطلق على المقيد , و رفع اليد عن ظهور الامر فى
استقلال البعث و بين حفظ ظهور الامر و كشف قيد آخر فى المطلق حتى يجعله قابلا
لتعلق حكم مستقل به , ( هذا ) و لكن الصحيح هو الاول لضعف ظهور الامر فى الاستقلال
و لا يمكن الاعتماد عليه لكشف قيد اخر , ( نعم ) لو احرز تعدد الحكم و استقلال
البعثين لا محيص عن كشف قيد اخر لامتناع تعلق الارادتين بالمطلق و المقيد , و قد
تقدم شرحه فى مبحث النواهى .
الصورة الثالثة : ما اذا كان الدليلان
نافيين كقوله لا تشرب الخمر و لا تشرب المسكر و لا ريب فى عدم حمل مطلقة على
المقيد , لعدم التنافى بينهما عرفا على القول بعدم المفهوم و الحجة لا يرفع اليد
عنها الا بحجة مثلها و لكن يمكن ان يقال بانه يأتى فيها ما ذكرناه فى الصورة
السابقة فتدبر .
هذه الصور تشترك فى ان الوارد الينا , ذات
المطلق و المقيد بلا ذكر سبب و اما اذا كان السبب مذكورا فلا يخلوا , اما ان يذكر
فى واحد منهما او كليهما , و على الثانى , اما ان يتحد السببان مهية او يختلفا
كذلك و على جميع التقادير فالحكم فيهما اما ايجابى , او غير ايجابى , او مختلف ,
فهنا صور نشير الى مهماتها .