قدرتها بل هى من مراتبها النازلة و شئونها
الذاتية و حينئذ لا يمكن لها التعصى عن ارادتها , فاذا اراد قبضها انقبضت او بسطها
انبسطت من غير تعص ولا تاب و هذا امر وجدانى و برهانى .
هذا و لكنه لا يثبت ما ادعاه القائل لان كون
القوى تحت ارادة النفس و اطاعتها لا يثبت سوى ان النفس اذا ارادت تحريكها فى الحال
تحرك الاعضاء , و نحن لا ننكره و هو غير القول بان الارادة لا تتعلق بامر استقبالى
(( بل اقول بلحن صريح )) ان ما اشتهر بين العاظم و منهم شيخنا العلامة قدس سره ان
الارادة علة تامة للتحريك و لا يمكن تخلفها عن المراد و انها العلة التامة او
الجزء الاخير منها مما لم يقم عليه برهان و ان اخذه القوم أصلا موضوعيا و نسجوا
على منواله ما نسجوا , و كيف و قد عرفت قيام البرهان على خلافه و قضاء الوجدان على
مقابله, و ان كنت فى ريب فاستوضح من مكان آخر , و هو ان ارادة الله تعالى قد تعلقت
ازلا بايجاد ما لا يزال من الحوادث على الترتيب السببى و المسببى من غير وصمة
الحدوث و تطرق التجدد فى ذاته و ارادته تعالى , كما برهن عليه فى محله , و لا يمكن
ان يقال فى حقه سبحانه كان له الشوق ثم صار ارادة و بلغ حد النصاب و ما فرع سمعك
ان الارادة فيه تعالى هو العلم بالنظام الاصلح , يحتاج الى التوضيح المقرر فى محله .
و مجملة انه ان اريد به اتحاد صفاته تعالى
فهو حق , و بهذا النظر كلها يرجع الى الوجود الصرف التام و فوق التمام , و ان اريد
نفى صفة الارادة فهو الحاد فى اسمائه تعالى , بل مستلزم لتصور ما هو اتم منه تعالى
عن ذلك علوا كبيرا . (( اضف )) اليه , ان وجدانك اصدق شاهد على ان الانسان يجد فى
نفسه ثلاث حالات :
(( تارة ))
يشتاق الامر الاستقبالى كمال الاشتياق لكن لا يريده و لا يكون عازما لاتيانه .
و (( اخرى )) يريده و يقصده من غير اشتياق
بل مع كمال الكراهة .
و (( ثالثة )) يريده مع الاشتياق و الحب و
الميل , و لاجل ذلك يتصدى لتهيئة المقدمات فى الاخرين دون الاول .