ما ذكرنا من كون الحروف حاكيات عن معان
مختلفة , هى بنفسها عين الربط و التدلى , مع اختلافها فى المفهوم ليس حكما كليا ,
اذ بعض منها ليس من شأنه الحكاية عن معنى واقع فى الخارج , بل هو موجد لمعناه حال
التكلم به و ليس له واقع يطابقه اولا , و ذلك كحروف القسم و التأكيد و التحضيض و
الردع , فانها وضعت آلة لايجاد معانيها فى وعاء صدورها من قائلها من دون حكاية عن
واقع محفوظ مع صرف النظر عن ظرف التكلم فاتضح من ذلك ان الحروف على قسمين , حاكيات
و ايجاديات , و قد عرفت ان حكاية القسم الاول عن معان واقعة فى الخارج غير مناف لايجادها
الربط فى الكلام , كما ان ايجاد الثانى لمعان متنوعة من القسم و التحضيض يجتمع مع
ايجادها الربط الكلامى , فاذن ايجاد الربط فى الجمل انما هو ببركة المعانى
المختلفة محكية كانت او موجدة .
فالان حان حين التنبيه على كلمة صدرت عن بعض
اعاظم العصر و على ما فيه , حيث قال بعد تقسيم المعانى الى اخطارية و هى معانى
الاسماء , و ايجادية (( ان معانى الحروف كلها ايجادية حتى ما افاد منها النسبة ,
لان شأن ادوات النسبة ليس الا ايجاد الربط بين جزئى الكلام الذى لا يحصل بدونها -
و بعد ايجاد الربط يلاحظ مجموع الكلام من النسبة و المنتسبين فان كان له خارج
يطابقه كان صدقا والافلا )) .
و الضعف فيه من وجهين :
(( الاول ))
ان حصول الربط فى الكلام ببركة الحروف و الادوات امر مسلم الا ان شأنها ليس منحصرا
فيه , و الوجدان و التتبع فى مواد اللغات المختلفة اصدق شاهدين على ان هذا متفرع
على استعمالها فى معانيها المختلفة الالية , و انها بلا دلالة