(( منها )) ما
هو تام ماهية و وجودا , الى يوصف حقيقتها و يدرك جوهرها مستقلة فى المدارك العقلية
بلا توسيط شى , كما انه يتحقق و يحصل فى الاعيان كذلك من دون ان يعتمد على شى او
يحصل فى موضع , كالجواهر بانواعها العالية و السافلة و يعبر عنه بالموجود لنفسه و
فى نفسه .
منها ما هو تام ماهية و مفهوما و يتصور
ماهيته العقلائية فى نشأة الذهن بحيالها و لا يحتاج فى التحديد الى امر آخر , و
لكنه غير تام وجودا و لا يمكن ان يتحقق فى نفسه مستقلا و لا ان يشغل العيان الا
بالحصول فى موضوع و العروض على معروض , كالاعراض باسرها .
منها ما هو قاصر فى كلتا النشأتين فلا يحصل
فى الذهن الا تبعا و تطفلا للغير , و لا يوجد فى الخارج الا مندكا فى طرفيه ,
كالنسب و الاضافات , و الوجودات الرابطة , فان لها محكيات و مسميات فى الخارج لا
تخرج من حدود الوجود و لها حظ منه , تجد جميع هذه فى قولنا : الجسم له البياض ,
فان محكى الجسم و البياض غير حصول البياض للجسم , و حصوله للجسم ليس كلا حصوله و
وقوع زيد فى الدار ليس كلا وقوعه نعم ليس لهذا القسم الاخير ماهية معقولة مستقلة ,
بان يدرك ما هو ربط بالحمل الشايع من دون ادراك الاطراف , كما ان موجوديته ايضا
بعين موجودية الطرفين .
و اما مفهوم الربط و النسبة التى تدرك
مستقلة فليس نسبة ولا ربطا الا بالحمل الاولى الذاتى لا بالحمل الشايع , اذ للعقل
ان ينتزع منها مفهوما مستقلا يجعله حاكيا عن الروابط الحقيقية و مشيرا اليها بنحو
من الحكاية و الاشارة , لا كحكاية الماهية عن مصداقها , اذ لا يمكن استحضار حقائق
النسب فى الذهن بذاتها بتوسط هذه العناوين و لا يتعقل ذواتها بنحو استقلال لا
بالذات و لا بالعرض , اذ المفروض ان حقيقتها عين الربط بالطرفين و الفناء و
الاندكاك فيهما , فلا يمكن الاستحضار الا تبعا لهما كما لا يوجد فى وعاء الخارج
الا كذلك .